kawalisrif@hotmail.com

الناظور :    هشام الصغير ومنتخبين يقاطعون المؤتمر الجهوي لـ”الأحرار” الذي سيترأسه أخنوش … شرخ سياسي يتوسع داخل التنظيم بالجهة الشرقية !

الناظور : هشام الصغير ومنتخبين يقاطعون المؤتمر الجهوي لـ”الأحرار” الذي سيترأسه أخنوش … شرخ سياسي يتوسع داخل التنظيم بالجهة الشرقية !

سيعقد وزراء من حزب التجمع الوطني للأحرار، صباح يوم غد الجمعة ، بوجدة ، لقاء مع منتخبي الحزب ، بأقاليم فكيك وجرادة وتاوريرت ، بالإضافة إلى عمالة وجدة أنجاد ، في إطار ما يسمى “نقاش الأحرار” ، ومن ثم سينتقل وزراء الحزب إلى مدينة السعيدية ، لإجراء لقاء آخر مع منتخبي الحزب بأقاليم الناظور وبركان والدريوش وجرسيف ، وفتح نقاش مع المنتخبين والإنصات لمطالبهم … حول تحقق منها وما تأخر .

وفي تطور سياسي لافت بالجهة الشرقية، قرر الفاعل السياسي البارز هشام الصغير ( المحسوب على حزب الأحرار ) مقاطعة اللقاء الجهوي للحزب المزمع عقده بجماعة سلوان بإقليم الناظور، بعد غد السبت ، 13 دجنبر الجاري، وهي خطوة وُصفت داخل دوائر الحزب بالزلزال الصامت، بالنظر إلى الثقل الانتخابي للرجل وحجمه التنظيمي داخل مدن وجدة وجرادة وإلى حد.ما فكيك .

مصادر متطابقة أكدت أن قرار الصغير لن يبقى معزولاً، إذ يرتقب أن يلتحق به عدد كبير من مناضلي الحزب بوجدة وجرادة ، في حركة احتجاجية غير مسبوقة تُعبّر عن تراكم إحتقان داخلي بسبب ما اعتبروه “سياسة سيارات الإطفاء” التي يلجأ إليها الحزب كلما اشتدت الخلافات، دون معالجة جوهرية للمشاكل التنظيمية والالتزامات السابقة.

عودة التوتر بين الصغير وقيادة الحزب ليست جديدة؛ فالرجل يعتبر نفسه أحد أبرز الشخصيات التي “تمّ التضحية بها” في الصراع الشهير الذي جمعه بالقيادي النافذ ورئيس جهة الشرق السابق عبد النبي بعيوي، المعتقل بسجن عكاشة، على ذمة تهم تتعلق بالتهريب الدولي للمخدرات، بعدما قُدمت لهشام حسب مقربين ، وعود صريحة من قيادة الحزب، وعلى رأسها عزيز أخنوش، تقضي بدعمه مستقبلاً في استحقاقات 2026 وتمكينه من استعادة مساره السياسي داخل الجهة، مقابل التنحي لفائدة “الجرار”، على رئاسة جهة الشرق في إنتخابات 2021 .

لكن تلك الالتزامات بقيت، وفق ما يردده محيط الصغير، “حبراً على ورق”، بل إن مشاريعه الاستثمارية بالجهة الشرقية، والعديد من المناطق، بل حتى بالأقاليم الجنوبية للمملكة ، واصلت مواجهة ما يسميه بـ”الحصار الإداري” الذي ظل مرتبطاً بتوصيات حقبة بعيوي، حيث توجه تهم إلى عامل الناظور السابق ، على خليل ، والي جهة واد الذهب حاليا ، بتعطيل مشاريع الصغير بالداخلة ، مما فاقم حالة الاحتقان.

ورغم محاولات الصغير المتكررة لقاء رئيس الحكومة ورئيس الحزب عزيز أخنوش، فإن كل المساعي باءت بالفشل، مكتفياً ، حسب مصادر مطلعة ، بتلقي ردود عامة عبر مستشارين بديوان رئيس الحكومة ، دون أي التزام واضح. هذا الأسلوب التصريفي خلق شعوراً لديه بأن الجهة الشرقية ومناضليها “لم يعودوا ضمن أولويات قيادة الحزب”، وأن ملفه يُدحرج منذ سنوات دون رؤية. ولا ينفصل هذا التوتر عن الحراك الداخلي، حيث يسجل زحف ودخول النائب البرلماني عن وجدة ؛ محمد هوار بقوة على خط الهيكلة، في مسعى ، كما يصفه مراقبون ، للسيطرة على تنظيم “الحمامة” والانفراد بزمام القرار السياسي داخل عمالة وجدة أنجاد ، بحكم العداء الكبير الذي يكنه لهشام ، وهو ما عمّق الشرخ وخلق معركة صامتة بين أقطاب الحزب بوجدة وجرادة .

هشام الصغير، الذي يصنفه المتابعون ضمن أكثر الفاعلين نفوذاً بالجهة الشرقية خلال العقد الأخير، كان يطمح وما يزال إلى قيادة الجهة، وهو أهل لها بحكم خبرته وحنكته، قبل أن تتوقف مسيرته فجأة بفعل تحالفات حزبية وحسابات تشكيل الحكومة السابقة. تلك “الصفقة السياسية” — كما يسميها بعض المقربين — وأدَت مشروعه السياسي في لحظة حساسة، وامتدت آثارها إلى اليوم. ووفق مصادر من داخل التنظيم، يتجه الصغير إلى تجميد نشاطه الحزبي  ، الذي إنضم إليه ، في 2021 , دون أن يحمل صفة فيه ، في انتظار “اتضاح الرؤية” داخل الحزب .

هذه التطورات تكشف أن وضع حزب التجمع الوطني للأحرار بوجدة وجرادة وفكيك ، يعيش لحظة اختبار حقيقي؛ فالتسويف السياسي، وتأجيل الالتزامات، وغياب الوضوح، يحوّل كل خلاف صغير إلى شرارة. وإذا لم تبادر القيادة إلى إطفاء النار من جذورها، فقد تجد نفسها أمام انسحابات متتالية تُفرغ التنظيم من قوته الانتخابية في منطقة تُعد من أكثر الجهات حساسية في توازنات الحزب.

ويبقى السؤال الذي يفرض نفسه اليوم داخل أروقة الحزب وخارجه: هل قرّر هشام الصغير، أخيراً، أن يضع حداً لـ”الانتظار المهين” وأن يشعل عود الثقاب داخل عشّ الحمامة؟ فالرجل الذي صبر طويلاً ( حسب محيطه ) وتحمّل ما يكفي من التسويف والمناورات، يبدو اليوم في لحظة لا تشبه سابقاتها؛ لحظة لم يعد فيها مستعداً للعب دور “الاحتياطي” ولا لقبول أن يُدار ملفه عبر وسطاء بلا قرار. وإذا كان الصغير قد اكتفى لسنوات بإرسال رسائل ناعمة لقيادة الحزب، فهو اليوم يرسل أكبرها وأكثرها صلابة وأشدّها إيلاماً: انسحابي ليس مجرد احتجاج… بل إنذار أخير.

وما لا تستوعبه قيادة “الأحرار” بعد، هو أن الشرخ الذي بدأ صغيراً قد يتحول إلى فجوة، وأن هشام الصغير ، بثقله ورصيده الانتخابي وشبكة أتباعه الواسعة ، قادر على قلب الطاولة متى شاء وكيفما أراد. فهل يستعيد الحزب زمام التهدئة قبل أن يفلت الخيط نهائياً؟ أم أن الرجل — الذي اعتاد كسب معاركه بصمت — يتجه فعلاً إلى حرق عشّ الحمامة من الداخل، بقوة لا تُبقي ولا تذر؟

 

11/12/2025

مقالات خاصة