أثار الحكم الابتدائي الصادر في حق البرلماني نور الدين مضيان نقاشًا واسعًا داخل إقليم الحسيمة وخارجه، حول مدى تأثيره على أهليته القانونية للترشح للانتخابات التشريعية لسنة 2026. ويعكس هذا الجدل، في جانب منه، تباينًا في قراءة النصوص القانونية المنظمة للعملية الانتخابية، إضافة إلى اختلاف في التقدير السياسي والأخلاقي لأدوار الفاعلين العموميين.
من الناحية القانونية، يربط التشريع المغربي تقييد حق الترشح بوجود نص صريح أو حكم قضائي نهائي يقضي بالتجريد من الحقوق الوطنية أو المدنية. فالقانون الجنائي، وخاصة الفصلين 40 و41، يجعل الحرمان من الحقوق عقوبة إضافية تُقرر صراحة من طرف المحكمة، ولا تُستنتج تلقائيًا من مجرد الإدانة.
وفي هذا السياق، فإن التهم التي أدين بسببها نور الدين مضيان، والمتعلقة بالسب والشتم والقذف، لا تُعد من الجرائم التي نصّ عليها المشرّع كمانع مباشر من الترشح، ما لم تكن مقرونة بعقوبة الحرمان من الحقوق الوطنية، وهو ما لم يثبت إلى حدود الساعة بحكم نهائي.
أما القوانين التنظيمية المؤطرة للانتخابات، وعلى رأسها القانون التنظيمي المتعلق بانتخاب أعضاء مجلس النواب، فقد حصرت حالات المنع من الترشح في جرائم محددة ( أنظر أسفله ) ، خاصة تلك المرتبطة بالمال العام أو الجرائم الانتخابية، مع التنصيص الصريح على العقوبة الانتخابية المترتبة عنها.
في المقابل، لا يمكن عزل هذا النقاش القانوني عن الواقع السياسي والانتخابي داخل دائرة الحسيمة. إذ يُعد نور الدين مضيان، وفق نتائج الاستحقاقات السابقة ومعطيات الميدان، من بين أكثر البرلمانيين حضورًا وتأثيرًا، بل ويتصدر من حيث الشعبية مقارنة بباقي ممثلي الدائرة في البرلمان ، وهو ما يفسر استمرار اسمه في واجهة النقاش السياسي بالإقليم.
ويطرح هذا الوضع إشكالية أوسع تتعلق بالفصل بين الحق القانوني في الترشح، الذي يحدده النص والقضاء، وبين التقييم السياسي والأخلاقي، الذي يبقى من اختصاص الرأي العام والناخبين. فالقانون يمنح الأهلية، بينما يمنح الصندوق الشرعية.
وفي ظل هذا التداخل، تبرز الحاجة إلى نقاش هادئ ومسؤول، يُجنب الرأي العام الخلط بين الإدانة القضائية وشروط الترشح، ويُسهم في تبسيط المعلومة القانونية، دون إغفال حق المواطنين في تقييم ممثليهم ومحاسبتهم ديمقراطيًا.
وتبقى مسألة ترشح نور الدين مضيان لانتخابات 2026 تظل، في وضعها الحالي، قضية قانونية محسومة بالنصوص ، في انتظار ما ستسفر عنه صناديق الاقتراع، باعتبارها الحكم النهائي في أي ممارسة ديمقراطية.
