لا تحكم على الكتاب من غلافه، ولا تُقلب صفحاته على عجل قبل قراءة السطر الأخير … لكنه سطر ليس بالأخير، بل بداية فصول سوداء من موسوعة بارونات العقار بوجدة ، وعلى سبيل المثال المقاول الغامض والمحمي صلاح الدين المومني، الذي يعود اسمه إلى الواجهة من جديد، على خلفية التحقيقات الجارية بخصوص ملف عقاري مشبوه، تكشّفت من خلاله معطيات خطيرة مدعومة بوثائق وتسجيلات صوتية حصلت عليها جريدة “كواليس الريف” .
وتشير المعطيات المتوفرة إلى وجود تضارب صارخ في تصريحات المقاول، خاصة فيما يتعلق بعلاقته بـجمعية الشرق للتعليم ومشروع السكن الاجتماعي صنف “ميني فيلات” بقيمة 250 ألف درهم. فبينما ينفي المومني أي صلة له بالجمعية أو بالمشروع أمام القضاء ، الذي متعه ب “البراءة” تؤكد وثائق رسمية، إلى جانب شهادات عدد من منخرطي الجمعية، عكس ذلك تمامًا.
وحسب مصادر موثوقة، فإن المقاول كان في شراكة احتيالية ودائمة مع شخص يُلقب بـ“شريكه في الظل” يسمى ميلود برمضان، مالك شركة RAFIE METAL، الذي كان يقف ـ بحسب الوثائق والتسجيلات المتوفرة ـ وراء اقتناء الوعاء العقاري للمشروع باسم شركة BATILUXOR.
وقد اعترف ميلود برمضان، في تسجيل صوتي ( أسفله ) ، بحصوله دون وجه حق على مليار سنتيم من أموال منخرطي الجمعية، موجّهًا حديثه لرئيس الجمعية بالقول:
“أنا راك عطيني مليار وميات مليون ، وما نكلكش رزقك”.
وتضيف نفس المصادر أن الكرتيل صلاح الدين المومني شخصيًا، وأحيانًا شقيقه محمد المومني، كانا يشرفان على تدبير هذا الملف، لينضاف اسم الشقيق إلى ما بات يوصف بـ “الشبكة الخفية” . كما يطفو إلى السطح اسم سيدة معروفة داخل أوساط مؤسسة العمران سابقًا، تُدعى مريم جبور، والتي انتقلت ـ بحسب المعطيات ـ من موظفة بسيطة بالمؤسسة العمرانية إلى مديرة أعمال نافذة للمقاول المثير للجدل ، وكادت أن تتسبب له في طلاق من زوجته .
وتُتهم مريم جبور بالدخول ضمن علاقات مشبوهة، من بينها إعادة بيع مشروع سكني يعود في الأصل للجمعية السكنية، في وقت تشير فيه الوثائق إلى أن المقاول ومديرة أعماله وشقيقه كانوا يستقبلون منخرطي الجمعية قصد معاينة المشروع، في محاولة لإيهامهم بسلامة المسطرة القانونية.
وفي تسجيل صوتي آخر، تتوفر الجريدة على تفريغه الكامل، يصرّح صلاح الدين المومني بأنه سيسلّم المنازل للمنخرطين الذين لم يتقدموا بشكايات ضده، في اعتراف ضمني وصريح بوجود علاقة مباشرة تربطه بالجمعية ، التي أدين رئيسها مصطفى بوسنينة ظلما ، ومنخرطيها، عكس ما يروّجه في تصريحاته الرسمية.
كما كشفت وعود بيع منجزة وموثقة عن تلاعب خطير في أرقام المنازل، في محاولة لتحريف مسار القضية، مع تغييب متعمّد لعبارة الحجز التحفظي الذي كانت قد وضعته جمعية التعليم على المشروع، في خطوة وُصفت بأنها تحايل جديد على القانون وخروج سافر عن مساطر التعاقد، بنية الالتفاف على الاتفاق الأصلي الذي كان يجمع المقاول بالجمعية ورئيسها المعتقل حاليًا.
وتجدر الإشارة إلى أن رئيس الجمعية، ومن أجل الحفاظ على حقوق المنخرطين، اضطر إلى فرض الحجز على المشروع بالكامل، بعد حجز مماثل من طرف المؤسسة البنكية التجاري وفا بنك.
معطيات ثقيلة تفضح المستور، وترفع الستار عن مسرحية إجرامية كُتب سيناريو فصولها في جنح الظلام، هدفها الزج بالأبرياء وراء القضبان ، وفي مقدمتهم رئيس الجمعية بوسنينة ، وهضم حقوق المواطنين.
فهل من تدخل حكيم ورشيد من المجلس الأعلى للسلطة القضائية لإعادة فتح تحقيق في الجريمة التي قام بها البارون صلاح الدين المومني المحمي ، يعيد هذا الملف إلى مساره الحقيقي، ويفكك خيوط هذا الكارتيل الخطير الذي بات يهدد منظومة الاستثمار العقاري برمتها؟

