يشهد المغرب منذ أسابيع توتراً بين الحكومة وهيئة المحامين بسبب مشروع القانون 66-23 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة، والذي أثار موجة رفض واسعة داخل الأوساط المهنية، إذ يرى المحامون فيه محاولة لوضعهم تحت وصاية وزارة العدل، في حين تؤكد الحكومة أن الهدف هو تحديث الإطار القانوني لمهنة لم تعرف أي إصلاح شامل منذ أكثر من خمسة عشر عاماً.
ويهدف المشروع، بحسب المذكرة التقديمية للوزارة، إلى مراجعة القانون الحالي لتصحيح اختلالاته وملاءمته مع تطورات المنظومة القضائية، من خلال تحسين التكوين وضبط العلاقة بين المحامي وموكله وتعزيز ضمانات الحق في الدفاع. غير أن العديد من المحامين اعتبروا أن بعض المقتضيات الجديدة تمس استقلال المهنة، خصوصاً ما يتعلق بفرض مباراة وطنية للولوج إلى معهد تكوين خاص يخضع لإشراف وزارة العدل، إضافة إلى تحديد الوزارة لشروط التكوين وفترة التدريب، وهو ما وصفته الهيئات المهنية بـ”الوصاية المقنّعة” وبأنه “مس خطير باستقلالية المحامي ومبدأ فصل السلط”.
كما أثارت بنود أخرى استياءً واسعاً، منها إلزامية توقيع عقد مكتوب بين المحامي وموكله يحدد الأتعاب بشكل دقيق، ومنع الاعتصامات داخل المحاكم أو أي شكل من أشكال الإضراب الجماعي، ما اعتبره المحامون تقييداً لحقهم في الاحتجاج. وفي المقابل، يتضمن المشروع بنوداً أخرى تتيح أنماطاً جديدة لممارسة المهنة، مثل التعاون بين المكاتب المغربية والأجنبية، وفرض التكوين المستمر، وإنشاء مجلس وطني لهيئات المحامين يتمتع بالشخصية المعنوية.
وقد عبّرت جمعية هيئات المحامين بالمغرب، ومجلس هيئة الدار البيضاء، واتحاد المحامين الشباب بالرباط، إلى جانب عدد من الوجوه البارزة في المهنة، عن رفضها التام للمشروع في صيغته الحالية، معتبرة أنه يُضعف استقلالية الدفاع ويخالف روح التوافقات السابقة. وطالبت هذه الهيئات بسحب المشروع وإطلاق جولة جديدة من الحوار الحقيقي قبل عرض النص على المجلس الحكومي للمصادقة.
31/12/2025