في خطوة تعكس احتقان المشهد السياسي والحقوقي في الجارة الشمالية، وجّهت جمعية استعادة الذاكرة التاريخية (ARMH) طلباً رسمياً إلى الحكومة الإسبانية تطالب فيه بفرض عقوبات صارمة على الملك الفخري خوان كارلوس الأول، وذلك عقب تسريبات من كتاب مذكراته المرتقب، يتضمن فيها عبارات تمجيد واضحة للديكتاتور فرانسيسكو فرانكو.
هذه الدعوة تأتي في ظل قانون الذاكرة الديمقراطية، الذي يفرض غرامات قد تصل إلى 150 ألف يورو على كل من يمتدح الانقلاب العسكري أو النظام الفرنكوي أو رموزه، باعتباره اعتداءً على الضحايا ومحاولة لتبييض صفحة واحدة من أعتى الديكتاتوريات في أوروبا القرن العشرين.
وبحسب الرسالة التي وجهتها الجمعية إلى كتابة الدولة المكلفة بالذاكرة الديمقراطية، فإن قراءة أولية لمقتطفات المذكرات تُظهر أن الملك الأب كتب بصراحة أنه كان “يحترم كثيراً” فرانكو، وأنه كان يقدّر “ذكاءه وحسّه السياسي”، مؤكداً أنه لم يكن يسمح لأحد بانتقاده أمامه.
هذه التصريحات أثارت صدمة واسعة داخل الأوساط الحقوقية والسياسية الإسبانية، خاصة وأن الرجل ما زال يتمتع بامتيازات مالية ورمزية تُموَّل من المال العام، رغم سلسلة الفضائح المالية والأخلاقية التي لاحقته خلال السنوات الأخيرة.
رئيس الجمعية إيميليو سيلفا لم يُخفِ غضبه، قائلاً: “من غير المقبول أن يستمر شخص ما زال يتمتع بامتيازات ممولة من خزينة الدولة في إظهار الاحترام لفاشيّ استولى على السلطة بالدم والنار”.
وطالبت الجمعية بتفعيل كل المقتضيات القانونية المنصوص عليها في قانون الذاكرة الديمقراطية، بما في ذلك الغرامات المالية، لضمان عدم تحول المذكرات إلى منصة جديدة لتبييض إرث فرانكو الاستبدادي.
الجدل امتد إلى الساحة البرلمانية، حيث دعا المتحدث باسم حزب كومونس، خيراردو بيزارّيلو، الملك فيليبي السادس إلى اتخاذ موقف واضح خلال احتفالات الذكرى الخمسين لعودة الملكية إلى إسبانيا، مطالباً إياه بـ:.
وقال بيزارّيلو بلهجة حادة: “إذا لم يقم فيليبي السادس بما لم تفعله أي مؤسسة ملكية من قبل ـ وهو إدانة صريحة للفرانكوية ـ فإن العرش البوربوني سيظل مرتبطاً باسم الديكتاتور إلى الأبد”.
بعيداً عن جدل مدريد الداخلي، يتضح مجدداً أن العلاقة بين جزء من النخبة الإسبانية وإرث فرانكو لم تُحسم بعد، وأن أطرافاً ما تزال تحاول إعادة تدوير الماضي تحت غطاء “الرأي الشخصي” أو “القراءة التاريخية”.
غير أن ما يثير الانتباه في المغرب هو أن أصواتاً في إسبانيا، لا سيما في محيط الملك السابق، تستمر في تمجيد رموز القمع والدم، بينما تُحاضر على الجيران في قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان.
إن تمجيد فرانكو اليوم ليس مجرد انزلاق لغوي، بل إعلان واضح بأن بعض العقول في الدولة الإسبانية لا تزال سجينة زمنٍ انتهى عند العالم، لكنه لم ينتهِ عندهم… وهذا لوحده يكشف سبب كثير من التوترات والمقاربات العدائية التي تطفو بين الحين والآخر تجاه المغرب وقضاياه.
16/11/2025











