أثار حكم الإدانة الصادر عن المحكمة الابتدائية بترجيست قبل لحظات من يومه الأربعاء 31 دجنبر 2025 , موجة واسعة من الجدل والاستياء في أوساط المتتبعين والفاعلين السياسيين بالحسيمة، بعدما قضت الهيئة بإدانة البرلماني الاستقلالي عن دائرة الحسيمة، نور الدين مضيان، بـستة أشهر سجناً نافذاً، إلى جانب غرامتين ماليتين قاربتا 18 مليون سنتيم، في قرار وُصف من طرف كثيرين بـ“الغريب” و“الصادم” قياسًا بطبيعة الملف ومعطياته.
هذا الحكم، الذي نزل كوقع الصدمة على الرأي العام المحلي، جاء ليكرس سابقة غير مألوفة في قضايا مماثلة، خاصة وأن الإدانة بُنيت على تسجيل صوتي خاص، تم تداوله ، دون حسم واضح في مسألة المسؤولية الجنائية عن النشر، وهو الركن الجوهري في جرائم التشهير.
المثير في حكم الإدانة ليس فقط قسوته، بل توقيته وسياقه، إذ صدر بعد جلسة مطولة استعرض خلالها دفاع المتهم دفوعًا قانونية قوية، مدعومة باجتهادات صريحة لمحكمة النقض، تؤكد أن المحادثات الثنائية والتسجيلات الصوتية الخاصة لا تُصنَّف تلقائيًا ضمن خانة التشهير، ما لم يثبت القصد الجنائي ونية افتراء الضرر، وهي عناصر ظل غيابها محل نقاش واسع داخل القاعة وخارجها.
ورغم تركيز الدفاع على كون نور الدين مضيان ضحية تسريب لمكالمة خاصة أضرّت به سياسيًا قبل أي طرف آخر، فإن الحكم اختار منطق الإدانة بدل التمحيص في مسار التسريب، وهو ما اعتبره متابعون تغاضيًا عن السؤال الجوهري: من نشر؟ ومن استفاد من النشر؟ ومن يتحمل فعليًا المسؤولية الجنائية؟
الإدانة، بصيغتها الصارمة، أعادت إلى الواجهة مخاوف قديمة مرتبطة بتداخل القضاء مع الحسابات السياسية، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بملفات ذات خلفية انتخابية وحزبية حساسة. فبدل أن يشكل الحكم لحظة تطمين للرأي العام حول استقلالية القضاء، فتح بابًا واسعًا للتشكيك في معايير التجريم والعقاب المعتمدة.
ويرى متتبعون أن حكم الإدانة بترجيست لم يكتف بإدانة شخص، بل بعث برسالة مقلقة حول قابلية المحادثات الخاصة لأن تتحول إلى أدوات تجريم، دون ضمانات كافية لحماية الحياة الخاصة، ودون تحديد دقيق لمسؤولية النشر، ما يهدد الأمن القانوني للمواطنين ويطرح أسئلة عميقة حول مستقبل حرية التواصل والخصوصية.
31/12/2025
