مليلية … التخلي عن 108 قاصر مغربي في 2019 واعتقال 6 آباء

إذا كان الآباء المغاربة من الطبقة ما تحت المتوسطة يتشبثون، في السابق، بفلذات أكبادهم، رغم قساوة العيش وضعف الحال، فإن البعض منهم اليوم أصبح يتخلى عن أطفاله، ليس في شوارع ودور الإيواء بالداخل المغربي فحسب، بل عبر تهجيرهم إلى المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية، بحثا لهم عن مستقبل أفضل، بعد أن لم يعودوا يستطيعون إعالتهم. الخطير في الأمر أن هؤلاء الآباء لا يكتفون في البحث عن شبكات التهجير لـ”تهريب صغارهم” إلى الثغرين لوضعهم في مراكز إيواء القصر، بل أصبحوا يرافقونهم إلى محيط هذه المراكز، حيث يتخلون عنهم، ويعودون إلى الداخل المغربي؛ هذا ما كشفته معطيات وأرقام وشهادات أوردتها صحيفة “إلباييس” الإسبانية، يوم أول أمس الأربعاء، بعد اعتقال أم مغربية في حالة تلبس.

قبل 10 أيام من عيد الأضحى، والذي من المفروض أن يقضيه الأطفال المغاربة في حضن العائلة، اعْتُقلت أم مغربية تبلغ من العمر 39 عاما في المدينة المحتلة مليلية بعد أن تخلت عن طفليها في محيط مركز إيواء القُصر، قبل أن تحاول العودة إلى الداخل المغربي. لكن الأمن الإسباني استطاع الوصول إليها قبل أن تلج الداخل المغربي بعد أن عُثِرَ عن الطفلة البالغة من العمر 6 سنوات والطفل البالغ 10 سنوات لوحدهما. ويوجد الطفلان في الوقت الراهن بمركز إيواء القصر في انتظار قرار القضاء بخصوص مصير الأم المعتقلة بتهمة الإخلال بالواجب الأسري. في هذه النازلة هناك ثلاثة مخارج: إما إخلاء سبيل الأم وإجبارها على العودة مع أطفالها إلى الداخل المغربي، أو إخلاء سبيلها مع الاحتفاظ بالأطفال في مركز الإيواء إن لم تطالب باسترجاعهما، أو إيداعها السجن والاحتفاظ بالطفلين في المركز.

مصادر أمنية أوضحت أن الأم اعتُقلت يوم 2 غشت الجاري بعد أن سافرت من الداخل المغربي إلى مليلية لزيارة طفليها، اللذين كانا أصلا يتواجدان في مركز الإيواء. وأضافت أن المسؤولين عن مركز الإيواء أخبروا الأمن بوجودها رفقة الطفلين في محيط المركز، قبل أن يتم اعتقالها والاستماع إليها. حينها اعترفت أنها والدتهما وأنها “لن تتحمل مسؤولية رعايتهما، لأنها تفتقر للموارد والوسائل المالية والضرورية”.

ولا يتعلق الأمر بحالة استثنائية، إذ أنه منذ يناير المنصرم وصل 108 قاصر مغربي مصحوبين بآبائهم إلى مليلية، وفق رواية الأمن الإسباني، 97 في المائة من هؤلاء الأطفال ينحدرون من ضواحي الناظور، التي يمكن لسكانها المحليين الولوج إلى الثغر المحتل دون تأشيرة. الأرقام ذاتها تؤكد أنه خلال هذه السنة تم اعتقال 6 حالات، آباء أو أقارب يُهجرون أطفالهم إلى مليلية. كما أن مدينة مليلية وحدها تحتضن أكثر من 861 قاصر غير مصحوب، أغلبهم مغاربة.

وعن تزايد ظاهرة تهجير الأطفال المغاربة من قبل ذويهم، يقول مسؤول أمني: “إنها حالات شائعة، والذي يحدث هو أنه من الصعب رصد عملية إدخال الطفل والتخلي عنه”، واستطرد شارحا: “إنهم آباء أو أمهات أطفال يدخلون إلى مليلية بوثائق حقيقية وبشكل قانوني. بعد ذلك يعود الآباء دون الأطفال إلى المغرب، وتجد المدينة أن من الواجب عليها إيواء هؤلاء المشردين”. المسؤول ذاته يُرجع سبب هذا التخلي إلى “حالات يقرر فيها الآباء، نظرا إلى غياب الموارد المادية أو في وضعية غير مستقرة، جلب، طواعية، فلذات أكبادهم إلى مليلية”.

رغم هذه الأرقام المقلقة، إلا أن هناك من يعتقد أنها عادية وتدخل في إطار المقبول، إذا ما أُخذ بعين الاعتبار الوضع الحدودي لمليلية مع مدينة الناظور وضواحيها، حيث مستوى الداخل الفردي والخدمات الاجتماعي أقل بكثير مقارنة مع إسبانيا.

عبد الرحيم محمد، نائب وزير القصر والأسرة في الحكومة المحلية، أوضح أن “هذه الظاهرة لازالت عادية”. وأردف أن 70 في المائة تقريبا من مجموع الأطفال (861) في مراكز الإيواء بمليلية، مغاربة، وأن هويات آبائهم معروفة في المغرب، وأن أغلب هؤلاء الآباء يترددون على المدينة لزيارة أطفالهم في محيط المركز.

وفي ظل تزايد هذه الظاهرة، ذكرت المصادر ذاتها أن الحكومة المحلية الجديدة تطالب من حكومة تصريف الأعمال المركزية الحالية بقيادة الاشتراكي بيدرو سانشز، بالدخول في مفاوضات مع المغرب من أجل تشييد مراكز لإيواء القاصرين بالناظور.

عبد الرحيم محمد عبر عن موقف الحكومة المحلية الجديدة قائلا: “يتوجب على إسبانيا الضغط على المغرب من أجل تفعيل الاتفاق الذي وقع في حينه حول ترحيل القصر”. فيما قالت “إلباييس” إن الحكومة الإسبانية تحدثت مع نظيرتها المغربية حول إمكانية إعادة تفعيل الاتفاق، بدون جدوى.

توقيق السليماني :

مقالات ذات الصلة

3 مايو 2024

رصدت لهما ميزانية 55 مليار سنتيم … تعثر أشغال بناء المركز الإستشفائي الإقليمي والمركز الإقليمي للأنكولوجيا بالناظور رغم تدشينه قبل 7 سنوات

3 مايو 2024

مشروع مرسوم جديد ينظم إدارات الدولة في المغرب.. السعي نحو التحديث والإصلاح

3 مايو 2024

فضيحة .. مراقبون يكشفون عن تلاعب بطلبات الإعفاء من الضرائب

3 مايو 2024

تمديد الحراسة النظرية “لمدير ديوان وزير العدل” أنس اليملاحي .. تفاصيل جديدة في قضية “الوظيفة مقابل المال”

3 مايو 2024

الحزب الشعبي الإسباني يسعى لتقويض تحالف الحكومة الحالية واستعادة الحيادية في العلاقات مع المغرب

3 مايو 2024

توتر بين العدول الجدد وهيئة العدول.. تظلم واضطراب في الإجراءات

3 مايو 2024

اتهامات لقناة “ميدي1 تيفي” بتضليل الرأي العام

3 مايو 2024

العاطلون بالمغرب في تزايد … وأرقام رسمية تحدده في مليون و645 الف عاطل

3 مايو 2024

عودة قوية لأولمبياكوس تحت قيادة الكعبي

3 مايو 2024

انتقادات جو بايدن لاحتجاجات الطلاب..بين الحق في التعبير والفوضى

3 مايو 2024

بعد تعنت لفتيت لعدة أشهر ورفضه الإستجابة … وزارة الداخلية ترضخ أخيرا لضغوط موظفي الجماعات الترابية وتقرر فتح باب الحوار

3 مايو 2024

توقيف 5 أشخاص بالدار البيضاء وطنجة، وتطوان ومرتيل ، والصويرة كانوا يعتزمون تنفيذ أعمال إرهابية

3 مايو 2024

وزيرة السياحة : المغرب يجدد طاقاته ومؤسساته السياحية لإستقبال “أكثر من 3 ملايين” مشجع في مونديال 2030 في أفضل الظروف

3 مايو 2024

حملة واسعة في أسواق فرنسية لإتلاف الزعتر المغربي الذي ثبت تسببه في “الإسهال والقيء والحمى والصداع

2 مايو 2024

غرامة 8 ملايير وسجن 5 سنوات لمغربي بسبب تهريب 700 كيلوغرام من الحشيش بفرنسا