1- مبدئيا تهدف مختلف المهرجانات السياسية و الثقافية و الفنية كونيا إلى نشر منسوب القيم الإنسانية النبيلة، وإستتبات الأعراف و الرسائل الإنسانية … ، من قبيل التسامح و المحبة و الحرية و السلام والديمقراطية … في سياق دولي محموم حافل بشتى تمظهرات العنف و الصراع المُعيق لأي تضامن أو تعاون محمود بين الأفراد والمجتمعات ، و المغرب ليس استثناء ، إذ تشهد بعض مدنه و قراه إقامة مهرجانات موسيقية و سينمائية و ثقافية بالمعنى الشامل للكلمة ، لمعانقة نفس الغايات المشار إليها سابقا، و جعلها جسرا نحو بناء مجتمع مدني حداثي ديمقراطي.
2- ويعد المهرجان اللا-فني، الذي يحشر فيه عبسرام ( بوطيب عبد السلام ) مؤخرته بوجع بين الأعضاء التناسلية لساكنة الناظور بشق الأنفس ، فضاء تعرض فيه سنويا أنشطة شبه فنية و فكرية. فإلى أي حد يمكن القول بأن هذا الهرج يساعد على تنوير الرأي العام بالمستجدات الوطنية و الدولية ؟ و إلى أي مدى يساهم في تحرير العقول من التعاطي السلبي مع قضايا الواقع و المعرفة ؟ بل ما هي المواصفات الذاتية و الموضوعية التي يفترض أن تتجسد في مهرجان سينمائي ناجح يحظى بالمقبولية الأداتية و الرؤيوية من قبل المعنيين بالإبداع الثقافي ؟ لاحظنا بجلاء مسلكا غير مهني و تدبيرا غير شريف لفعالياته المتوالية .
3- أما على مستوى المضمون ، فقد أخلف منظموا هذا ” العهر ” السنوي موعدهم مع التاريخ ، وكعادتهم ،وظهروا مجردين من ” ثياب ” الحداثة و العقلانية و المواطنة ، و بدت هذه المفردات مجرد حبر على ورق ، وخاصة ما شهدته الدورة الأخيرة ، من إنزياح شبه كلي عن سكة الملتقيات الثقافية ذات المنحى الديمقراطي الجاد … فعلى المستوى الشكلي إلتزم القائمون عليه بالنمط التقليدي الممل و المتجاوز ، عروض و ندوات ورقية متجاوزة ، تغرق المتتبعين في بحر من التكرار و النمطية و الثرثرة الحادة ، و الغريب أن جل فقرات هذه الخيمة كانت بذهنية ورقية، بالإضافة إلى ذلك، إفتقدت فقرات المهرجان لقاعدة التوازن و إشراك الخبراء و المثقفين ذوي الإنتماءات المختلفة و المتعارضة ،
4- ومن خلال إطلالة “كواليس الريف” ، على بطاقة المشروبات الروحية تبين أن للجودة ضريبة، أثمان صاروخية و أرخص جعة مقابلها لا يقل عن 90 درهما.. وأمام صاحبات التنورالقصير و الضيق المنخرطات في هز الأرداف تماشيا مع ما يقتضيه إيقاع مهرجان الفسق والعهر الفني مع إنتصاف الليل وإستهلاكها لكمية مهمة من مختلف علامات الخمر يجعل الحديث للمحتال أكثر يسرا، بحكم إستغلالها لأنصاف الفرص من أجل الحصول على “فريسته ”.فحسب ما متعارف عليه ، فإن المهرجانات توفر المجال لمحترفي صناعة السينما والتلفزيون، ومجموعة من الخدمات المهنية، منها حضور الحلقات النقاشية والمحاضرات، “الماستر كلاس” التي تتيح للمواهب فرصاً قوية للشراكة مع المجتمع السينمائي الدولي، وعليه إنه الرعب ذلك الذي يسكن في العقل الظاهري أو الباطني لأدعياء حقوق الإنسان الممزوج بنسبة كحول عالية الحرارة .
5- المثير للإنتباه أن {خمارة عبسرام-ن-سيني } الذي يسعى منظموه أن يجعلوا منه مهرجانا سنويا يستقطب أشباه النجوم والمتقاعدين إذ تتنوع الإنتقادات التي تستهدفه، بين من ينتقد تدحرجه الى الناظور والجدوى منه بالأساس، ومن يحتفظ بإنتقادات جزئية تتعلق بشكل التدبير، وبعض الأساليب التي تكرس الميز أو عدم المساواة في التعامل مع الأحنبي والفنان المحلي بل إن هذه الإنتقادات أخذت في الآونة الأخيرة أشكالا مختلفة، إذ لم تعد مقتصرة فقط على السياسيين أو نشطاء المجتمع المدني أو حتى الفاعلين في الصناعة الفنية وإنما إمتدت لتشمل أيضا ممثلات شاركت أعمالهن خلسة، لم يخفوا إنتقاداتهن لمهرجان الفسق، بل إتهامهن كذلك لمنظميه بتبذير الأموال وتوفير تشكيلة وستوك فاخر من أجل سكر طافح على ضفاف مارتشيكا على شرف الضيوف الأجانب والغرباء والمومسات والمثليين ، مقابل ركل وتهميش أهل المنطقة.وفسح المجال والسجاد البراق لللمتكركع «حكيم بنشماس» وأذياله إلى مقارعة قنينات الڤودكا الفاخر والروج ، من خلف ( ستار العهر الفني ) على حساب آهالي الناظور بعد دخوله العطالة السياسة وصعوبة وصوله إلى قطاعات الجمهور المختلفة .
31/12/2022