kawalisrif@hotmail.com

ارتفاع معدلات الطلاق في المغرب … كيف تتأثر نفسية الأبناء جراء انفصال الأبوين

بات ارتفاع معدلات الطلاق في الآونة الأخيرة يشكل مصدر انشغال كبير، ما يستلزم توجيه الاهتمام بشكل أكبر نحو معرفة الدوافع الحقيقية الاقتصادية والاجتماعية والنفسية التي تضطر الأزواج إلى الإقدام على “أبغض الحلال”.

الإحصائيات الرسمية الحديثة تدق ناقوس الخطر بشأن الارتفاع الملحوظ لملفات الطلاق المودعة لدى المحاكم سنة تلو أخرى، لاسيما في صفوف المتزوجين حديثا. إذ تشير وزارة العدل، إلى ارتفاع عدد حالات الطلاق خلال سنة 2021 إلى ما مجموعه 26 ألفا و957 حالة. وفي خضم النقاش الدائر داخل المجتمع بشأن تزايد حالات الطلاق بشكل مثير للقلق، يتم التركيز بالأساس على وضعية “أبناء المطلقين” من زاوية الحضانة والنفقة وغيرهما من الأمور المادية، لكن قليلا ما يتم الاهتمام بحالتهم النفسية وما قد يؤذيهم من اضطرابات تنجم عن التغييرات الجذرية التي تلحق حياتهم بعد انفصال الأبوين.

وفي هذا الصدد، تؤكد الأخصائية في الطب النفسي للأطفال والمراهقين، هدى حجيج، أن “الطلاق لا يتسبب دائما في حدوث اضطرابات نفسية لدى الأبناء، غير أن غالبيتهم يشعرون بمجموعة من المخاوف التي تتعلق بالأساس بخشية فقدان أحد الأبوين أو كليهما بسبب عدم معرفتهم كيف سيكون عليه وضعهم بعد انفصال الأبوين”.

وأبرزت الأخصائية، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن “أبناء المطلقين” يشعرون بتخوفات إزاء كل ما يتعلق بحياتهم اليومية، ويطرحون العديد من الأسئلة بهذا الخصوص: هل سأواصل الذهاب إلى نفس المدرسة ؟ هل سأحصل على نفس المشتريات التي كنت أحظى بها قبل انفصال والدي ؟ هل سأظل في نفس المستوى المادي والاجتماعي الذي كنت أعيش فيه سابقا؟ وغيرها من التساؤلات. وأشارت إلى أنه “عموما، تنجم الاضطرابات النفسية التي يعاني منها بعض الأطفال بعد الطلاق، أساسا، عن الأجواء السلبية السائدة قبل وأثناء وبعد انفصال الأبوين، أي نتيجة حدوث صراعات ومشاكل أسرية تتسبب في معاناة الطفل من اضطرابات مثل الخوف والاكتئاب، أو تنجم عنها في بعض الأحيان إصابة الطفل باضطرابات على مستوى السلوك أو نقص في التركيز، الأمر الذي تكون له انعكاسات سلبية على تحصيله الدراسي”.

وفي المقابل، تؤكد الأخصائية أنه ” إذا مرت مرحلة الطلاق بدون صراع بين الأبوين، وتأكد الطفل أنه سيواصل رؤية أبويه بشكل منتظم، والتزم الأبوان بالفعل بذلك، فإن الطلاق لا يتسبب في إصابة الأبناء بأية اضطرابات نفسية”. وحول ما إذا كانت المواكبة النفسية للأطفال في حالة الطلاق تقتصر على أحد الأبوين أو كليهما، أم أنه يحتاج أحيانا إلى مواكبة نفسية متخصصة، أوضحت الأخصائية أنه ” يجب في البداية توجيه الأب والأم من أجل المساعدة في مواكبة أبنائهما نفسانيا خلال فترة الطلاق، من خلال طمأنتهم بأن الأمور ستمضي بشكل طبيعي، وأن العلاقة الطيبة ستظل قائمة بين الأبوين بعد الانفصال، وأنه لن يتم أيضا المساس باستقرارهم النفسي”، محذرة في المقابل من أنه “في حالة إصابة الطفل باضطرابات نفسية تستلزم العلاج، فلا بد من الاستعانة بأخصائي في المجال لضمان المواكبة النفسية التي تستلزمها كل حالة على حدة”.

وفي السياق ذاته، قدمت الدكتورة هدى حجيج مجموعة من النصائح للأبوين عند تفكيرهما في الانفصال أو في حالة وقوع الطلاق من أجل حماية الطفل من أي تداعيات نفسية، مؤكدة في هذا الصدد أنه “قبل الوصول إلى مرحلة الطلاق، يتعين عدم الشجار والحديث عن المشاكل بحضور الأطفال. كما يجب أن نفسر لهم بأنه ليسوا السبب في حدوث الانفصال، وكذا طمأنتهم بأن حقوقهم ستبقى محمية، وعلاقتهم بالأبوين معا لن تتغير”.

وأضافت أنه “يجب أن يستوعب الأبناء أيضا أن الانفصال يحدث بين الأب والأم، وليس بين الآباء والأبناء”، مشددة على أهمية الحوار المستمر لبث الطمأنينة والارتياح في نفسية الطفل حتى تمر مرحلة الطلاق بسلام.

وبعد وقوع الطلاق، تضيف الأخصائية، “من المهم احترام الطرف الذي لا يعيش معه الأبناء لمواعيد الزيارة، والوفاء بالوعود التي ت عطى لهم، وعدم فرض تغييرات كثيرة على نمط عيشهم، وإعطاؤهم الوقت الكافي لتقبل كل تغيير يحدث، مهما كان صغيرا، وغيرها من الأمور التي تجنب معاناة الطفل من حالات نفسية مثل الاكتئاب أو الخوف”. كما نصحت الأبوين المنفصلين بضرورة عدم إسقاط مشاكلهم على الأطفال وعدم استعمالهم كأداة لمحاربة الطرف الآخر أو كوسيلة لحل النزاعات، وفي مقابل ذلك الحرص على حمايتهم من كل ما يؤثر على نفسيتهم وعدم ممارسة أي ضغط نفسي عليهم.

ومما لا شك فيه أن الحاجة أضحت ملحة للقيام بدراسات سوسيولوجية وسيكولوجية عميقة لبحث أسباب لجوء الأزواج بشكل متزايد للطلاق، والخروج بتوصيات وحلول ناجعة تحد من وتيرة ارتفاع هذه الظاهرة التي تؤثر على استقرار المجتمع برمته.

وكالات :

06/01/2023

مقالات ذات الصلة

11 ديسمبر 2024

لتفادي إبتزازات موريتانيا … التوقيع على اتفاق لإطلاق خط بحري أكادير-دكار لتصدير السلع المغربية إلى العمق الإفريقي

11 ديسمبر 2024

ألمانيا ترفض عودة السوريين الذين يعملون في مجالات شاقة إلى بلادهم

11 ديسمبر 2024

حجز 3.6 طن من الحشيش بميناء الدار البيضاء

11 ديسمبر 2024

البراءة لمغربي في هولندا ، كان المدعي العام طالب بسجنه سنتين بتهمة الإعتداء على مشجعين إسرائيليين

11 ديسمبر 2024

مناقشة قانونية غرامات التأخير على أداء فواتير الماء والكهرباء في البرلمان

11 ديسمبر 2024

بسبب غياب الإنارة ودوريات الأمن … إستفحال ظاهرة سرقة منازل أفراد الجالية بجماعة آيت يوسف وعلي بالحسيمة

11 ديسمبر 2024

إضرام النار في قبر الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد

11 ديسمبر 2024

العضو الجماعي “ولد ربيعة” يقيم مأدبة غذاء فاخرة على شرف رئيس جماعة وجدة إمتنانا على تخصيص له تصيب من المال العام

11 ديسمبر 2024

عبد اللطيف لمزرع الكاتب المحلي لحزب التقدم والاشتراكية بالناظور ينجح في مباراة “أستاذ بكلية آسفي”

11 ديسمبر 2024

فيديو : خوفا من إغتياله … مقاتلات جزائرية ترافق طائرة “تبون” في رحلتها إلى موريتانيا

11 ديسمبر 2024

مطالب سكان جماعة تمسمان بالدريوش … مشاريع تنموية ضرورية لفك العزلة وتحسين الخدمات الأساسية

11 ديسمبر 2024

تشجيع السياحة بإقليم الحسيمة … ضرورة عمل جاد وليس مجرد وعود !

11 ديسمبر 2024

عامل إقليم الدريوش يحط بجماعة ثلاثاء بوبكر للإجتماع مع المجلس المحلي

11 ديسمبر 2024

ساكنة بجماعة أيت يوسف وعلي بالحسيمة تستنجد العامل للحيلولة دون الترامي على أراضيهم من طرف البرلماني الحموتي لإنجاز مشروع في إقليم مجاور !

11 ديسمبر 2024

لقجع: 11 ديسمبر 2024 محطة تاريخية للمغرب في سعيه لاستضافة مونديال 2030