كشفت دراسة صادرة عن الوسيط الفرنسي في المنتجات المالية “هيلو سايف” عن أرقام مقلقة بشأن انتشار العملات المشفرة في المغرب، حيث بلغ عدد حامليها نهاية العام الماضي 6 ملايين شخص، أي ما يعادل 16% من إجمالي السكان، بزيادة 2.5 مليون مستخدم بين 2029 و2024، ما يعكس ارتفاعًا بنسبة 60% خلال خمس سنوات. هذا الانتشار السريع للعملات الرقمية خارج الأطر القانونية يهدد الاقتصاد الوطني، إذ يسهم في نزيف احتياطي العملة الصعبة، ويزيد من مخاطر غسل الأموال، كما يؤثر على استقرار الدرهم. وتأتي هذه المعطيات في وقت تسارع فيه السلطات المغربية إلى وضع إطار قانوني ينظم هذه الأصول الرقمية، في ظل تزايد استخدامها في عمليات الشراء والتحويلات المالية الدولية، التي أصبحت بديلاً أقل تكلفة من الشبكات التقليدية.
ورغم الحظر الذي فرضه بنك المغرب على التعامل بالعملات المشفرة منذ 2017، فإن السوق غير المهيكلة لهذه الأصول استمرت في التوسع، خاصة بين الشباب والمستثمرين في التجارة الإلكترونية. وتشير الإحصائيات إلى أن المغرب ليس وحيدًا في هذا التوجه، إذ سجلت إفريقيا ارتفاعًا ملحوظًا في عدد المستخدمين، حيث بلغ 104.8 ملايين شخص العام الماضي، بزيادة 68%، بينما حققت مصر قفزة قياسية بنسبة 138%، تلتها كينيا وجنوب إفريقيا بنسب نمو مرتفعة. في هذا السياق، أكد والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، أن مشروع قانون تأطير العملات الافتراضية جاهز، لكنه لم يكشف بعد عن تفاصيله، موضحًا أن العمل جارٍ على إعداد نصوصه التطبيقية لمناقشتها وتحليلها قبل تنفيذها رسميًا.
وفي مواجهة المخاطر المتزايدة، عزز مكتب الصرف مراقبته للتحويلات المالية المرتبطة بالعملات المشفرة، بالتنسيق مع بنك المغرب وإدارة الجمارك والهيئات المالية المختصة. وقد تم بالفعل فرض غرامات على بعض المتعاملين غير القانونيين، مما يعكس توجه السلطات نحو تشديد الرقابة لتفادي أي انتهاكات لقوانين الصرف. ويؤكد خبراء ماليون أن هذه العملات يمكن أن تُستغل في أنشطة غير مشروعة، مثل غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بسبب طبيعتها غير المركزية وصعوبة تتبعها. ومع ذلك، يرون أن الحل لا يكمن فقط في الحظر، بل في وضع إطار تنظيمي صارم يوازن بين دعم الابتكار في التكنولوجيا المالية وحماية الاقتصاد الوطني من المخاطر، مع تعزيز التعاون الدولي لضبط تدفقات الأموال المشفرة وضمان استقرار العملة الوطنية.
14/02/2025