لم يركب قاربا، ولم يقفز فوق الأسلاك الشائكة. اختار مروان الشهيبي، وهو طفل في الخامسة عشرة من عمره، طريقاً مختلفاً للوصول إلى الضفة الأخرى، مختبئاً أسفل شاحنة تجارية في ميناء طنجة، دون أن يدرك أن هذه المغامرة ستكون بداية رحلة غير عادية ستقوده، بعد 13 عاماً، إلى ارتداء زيّ الشرطة في إسبانيا.
بعد محاولات متكررة، نجح مروان في الوصول إلى ميناء الجزيرة الخضراء، حيث تم توقيفه من قِبل السلطات الإسبانية ونقله إلى مركز إيواء القاصرين، ومن هناك، بدأت رحلته في البحث عن مستقبل أفضل. لم يكن يعلم والديه شيئاً عن خطته، لكنه كان مدفوعاً برغبة قوية في تحقيق حلمه.
تنقّل مروان بين مراكز الرعاية، وبدأ في تعلم الإسبانية، والتحق بدورة في البستنة قبل أن يكتشف أن شغفه يكمن في مجال الكهرباء، حيث حصل على شهادة التعليم الثانوي الإلزامي (ESO). لاحقاً، تابع دراسته في البكالوريا بدعم من مؤسسة “دون بوسكو”، بينما كان يسعى للحصول على الجنسية الإسبانية، مما أتاح له فرصة التقدم لاختبارات الشرطة المحلية.
رغم صعوبة الامتحانات واختلاف اللغة والثقافة، لم يستسلم مروان. كرّس ساعات طويلة للمذاكرة واستعان بأساتذته حتى اجتاز الاختبارات بنجاح. وعندما تلقى مكالمة من بلدية “دوس هيرماناس” تخبره باجتيازه امتحان الشرطة، غمرته مشاعر لا توصف، حيث استعاد ذكرياته وهو مختبئ تحت الشاحنة، والدموع تملأ عينيه، لكنه هذه المرة كان يبكي فرحاً.
يرى مروان أن قصته تكسر الصورة النمطية عن القاصرين غير المصحوبين، ويؤكد أن معظمهم يسعون بجد لتحسين حياتهم. ويوجه رسالة إلى الشباب المهاجرين، قائلاً: “هذا البلد يكافئ من يعمل بجد. يجب اغتنام الفرصة والقتال من أجلها”.
قصة مروان ليست مجرد حكاية نجاح شخصي، بل شهادة على قوة الإرادة، والتصميم، والقدرة على تحويل المحن إلى فرص، لتصبح مصدر إلهام لكل من يسعى لتحقيق أحلامه رغم الصعوبات.
18/02/2025