دقّت نقابات الشرطة الوطنية الإسبانية والجمعيات المهنية بالحرس المدني ناقوس الخطر بعد رصد عدد من زوارق تهريب المخدرات يتجاوز تعدادها المائة ، وهي عالقة قرب سواحل الأندلس، بعدما لجأت إلى الاحتماء من العاصفة القوية التي تضرب جنوب إسبانيا. وشمال المغرب، هذا المشهد الذي وثقته النقابات بالصور والفيديو أعاد، مرة أخرى، إظهار هشاشة المقاربة الأمنية الإسبانية في مواجهة شبكات التهريب النشطة بين ضفتي البحر، والتي تتخذ من خليج قادس ومنطقة جبل طارق ممراً شبه مفتوح.
وأشارت رابطة عناصر الحرس المدني (AUGC) إلى أن العاصفة كشفت “الإفلات التام من العقاب” الذي تستغله شبكات التهريب في إقليم قادس، مضيفة أن هذه الزوارق باتت ترسو في شواطئ مثل “فيكتوريا” أو تدخل موانئ صغيرة كسانكتي بيتري ونهر واديليت “وكأنها مراسي خاصة بها”. وأضافت الرابطة أن ظهور هذه الزوارق “في واضحة النهار” يؤكد أن التنظيمات الإجرامية تتحرك بأريحية كاملة، مستحضرة حادث بارباطي الذي راح ضحيته عنصران من الحرس المدني سنة 2024 عندما دهستهم إحدى هذه الزوارق أثناء فرارها.
وانتقدت AUGC بشدة تجميد البرلمان الإسباني لمشروع تعديل القانون الجنائي الذي يهدف إلى تجريم البنية اللوجيستية لنشاط “الزودياكات السريعة”، معتبرة أن هذا التعطيل “منح الضوء الأخضر لتنامي الجريمة المنظمة وترك عناصر الأمن في مواجهة مخاطر قاتلة”.
من جانبها، اعتبرت نقابة الشرطة (Jupol) أن “الخطة الخاصة بمنطقة جبل طارق التي رُوّج لها كحلّ شامل “أثبتت فشلها على الأرض”، مشيرة إلى أن تكدّس الزوارق في موانئ مثل برباطي يعكس غياب الردع الحقيقي. وأضافت النقابة أن حادث إصابة أحد عناصرها بالرصاص في عملية أمنية حديثة بمدينة “إيسلا مايور” يؤكد أن الوضع الأمني لا يتحسن، وأن الجريمة المنظمة تتطور بوتيرة أسرع من الإجراءات الرسمية، مع تجديد دعوتها لإقالة وزير الداخلية فرناندو غراندي-مارلاسكا.
وتعيد هذه الانتقادات فتح ملف هشاشة السواحل الجنوبية لإسبانيا أمام شبكات التهريب، وهي المنطقة التي ترتبط جغرافياً بالمغرب وتُستخدم غالباً كنقطة انطلاق أو عبور لأنشطة إجرامية عابرة للحدود. وفي الوقت الذي يعزز فيه المغرب مراقبته البحرية والبرية للحد من تهريب المخدرات والهجرة غير النظامية، يتواصل الجدل داخل إسبانيا حول ضعف التشريعات، بطء الإصلاحات، وتشتت التنسيق الأمني، ما يجعل الجنوب الإسباني فضاءً مفتوحاً نسبياً أمام التجار المجرمين.
وبذلك يتأكد مرة أخرى أن مواجهة الظاهرة تتطلب مقاربة شاملة تشمل تشديد القوانين، تعزيز التنسيق المغربي–الإسباني، ورفع القدرات الميدانية، بدل الاكتفاء بردود فعل ظرفية تُظْهِر هشاشة المقاربة الأمنية كلما هبّت عاصفة أو تغيّر طقس البحر.
14/11/2025











