كشف تقرير حديث للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي عن تنامي الاستغلال المفرط وغير المشروع للموارد المائية في المغرب، مرجعاً ذلك إلى محدودية الآليات المعتمدة في تدبير ومراقبة الاستغلال، وضعف قدرات الجهات المعنية وتداخل اختصاصاتها، فضلاً عن انتشار الرشوة والريع. وأشار التقرير إلى أن تعقيد وبطء إجراءات منح التراخيص لا يشجع المخالفين على الامتثال للقوانين، ويؤدي تعدد المتدخلين المكلفين بمنح التراخيص إلى صعوبات في التنسيق بينهم، بينما تساهم الوسائل التقليدية في تفاقم المشكلة.
وسجل التقرير انتشاراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة لممارسات الجلب غير المشروع للمياه، خصوصاً في ظل موجات الجفاف المتكررة. وأظهرت إحصائيات عام 2017 أن عدد الأشخاص الذين يقومون بجلب المياه دون ترخيص بلغ 102.264 شخصاً مقابل 52.557 شخصاً مرخصاً لهم، مما يعكس حجم الأزمة. وأشار التقرير إلى وجود 292.089 نقطة مياه مهجورة، منها فقط 30.646 نقطة مرخصة، مما يؤثر سلباً على الموارد المائية وحق المواطنين في الاستفادة منها.
ووفقا للتقديرات المنجزة سنة 2023، ارتفعت نسبة الآبار والأثقاب غير المرخصة في المغرب لتصل إلى 80%، حيث تم تسجيل 409 مخالفات في مجال الحفر غير القانوني للآبار و117 حالة تتعلق بجلب المياه السطحية. وأفاد التقرير بأن المدة المتوسطة للحصول على ترخيص لاستغلال الملك العمومي المائي تتجاوز في بعض الحالات 3 أشهر، مما يدفع بعض المستخدمين إلى استغلال الموارد بطرق غير مشروعة. وأبرز التقرير ضعف التنسيق بين المكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي ووكالات الأحواض المائية، مما يعرقل الاستغلال الناجع للموارد المائية.
تحديات وآفاق تعزيز مراقبة الموارد المائية
أثار التقرير ضعف التنسيق بين الجهات المختصة في منح التراخيص لاستغلال الموارد المائية، مما يؤدي إلى تعدد الأطراف المتدخلة ويعيق فعالية إدارة هذه الموارد. وأشار إلى نقص في الموارد البشرية والمادية لدى وكالات الأحواض المائية، وتعدد مهامها، فضلاً عن محدودية الوسائل التقنية واللوجستيكية في مراقبة واستغلال المياه. ويعاني المغرب من نقص في عدد أعوان شرطة المياه، مما يعيق تنفيذ آليات المراقبة الفعالة.
وسجل التقرير أيضاً نقصاً في استخدام الوسائل الحديثة لرصد وكشف الممارسات غير المشروعة في استغلال المياه، مثل الحفر غير القانوني للآبار والجلب المفرط للمياه. وأشار إلى ضعف تحصيل الإتاوات المتعلقة باستغلال الموارد المائية وتراكم المبالغ المستحقة. وعبر التقرير عن قلقه من محدودية عقود التدبير التشاركي للفرشات المائية وضعف نشاط اللجان التقنية لمجالس الأحواض المائية، بالإضافة إلى غياب نظام معلوماتي موحد لإدارة الموارد المائية على المستوى المركزي.
توصيات لتعزيز إدارة الموارد المائية والمقالع
وأكد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي على ضرورة تعزيز الجهود لمكافحة الاستغلال المفرط وغير المشروع للموارد المائية والمقالع، والحد من الممارسات غير القانونية والرشوة. ودعا المجلس إلى تعزيز الإطار القانوني الحالي وتحسين آليات منح التراخيص ومراقبة الاستغلال. لتحقيق هذه الأهداف، اقترح المجلس مجموعة من التوصيات تشمل تحسين الحكامة، وتعزيز التنمية المستدامة، وتحقيق المسؤولية الاجتماعية للمقاولات، وضمان الأمن الإنساني، وتقوية القدرة على الصمود في مواجهة الأزمات، ورفع مستوى النجاعة الاقتصادية، والشفافية والعدالة الاجتماعية.