شرعت الجزائر بعد الخيبة الكبيرة التي تلقتها في شتنبر الماضي جراء رفض قبول انضمامها إلى التكتل الاقتصادي “بريكس” في توجيه بوصلتها نحو الغرب، من أجل إصلاح ما أفسدته برغبتها في الاصطفاف إلى جانب روسيا والصين في الشهور الماضية، وهو ما كان قد جر عليها العديد من الانتقادات من بلدان الغرب.
ومباشرة بعد “صدمة البريكس” توجه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في 16 شتنبر إلى الولايات المتحدة الأمريكية في أول زيارة رسمية له إلى هذا البلد منذ توليه السلطة في البلاد، من أجل المشاركة في أشغال الدورة 78 العادية للجمعية العامة في نيويورك، في خطوة قالت العديد من التقارير الإعلامية الدولية أنها ذات طبيعة رمزية الهدف منها إرسال إشارات إيجابية لواشنطن بأن الجزائر تريد صفحة جديدة مع الغرب بعد احتراق صفحة “البريكس” مع الشرق.
وبدأت الجزائر منذ ذلك الحين مساعي دبلوماسية حثيثة لتقوية العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية التي تُعتبر حليفا استراتيجيا لـ”عدوها الكلاسيكي” (المغرب)، وقد قررت في الفترة الأخيرة تعيين الدبلوماسي صبري بوقادوم سفيرا لها في واشنطن من أجل تمتين الثنائية، وفي نفس الوقت إبعاد بوقادوم عن منافسة تبون في الانتخابات المرتقبة العام المقبل، باعتباره أحد المرشحين البارزين المتوقعين.
كما أن الجزائر مباشرة بعد أشغال الجمعية العامة، بدأت في مفاوضات ثنائية مع أطراف فرنسية من أجل إصلاح العلاقات مع باريس، وطي صفحة الخلافات المرتبطة بالعديد من القضايا، كالهجرة والذاكرة، وقد استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في الأسابيع الأخيرة، سفير فرنسا في الجزائر مرتين، وقد تلقى دعوة من إيمانويل ماكرون للقيام بزيارة إلى فرنسا.
وتتحدث الصحافة الجزائرية ونظيرتها الجزائرية في الفترة الأخيرة، عن “عودة الدفء” للعلاقات الثنائية بين البلدين، وهي العودة التي جاءت بدون سابق إنذار، مما دفع بالعديد من المتتبعين للعلاقات الجزائرية الفرنسية إلى ربطها برغبة الجزائر في العودة إلى “محور الغرب” بعد فشل التحاقها بدول “البريكس” التي كانت تعول عليهم لتقوية موقفها السياسي وتحقيق انطلاقة اقتصادية.
وبعد الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، يبدو أن الدور قد جاء على إسبانيا، حيث تحدثت وسائل إعلام إسبانية في الأيام الأخيرة عن عزم الجزائر إنهاء قطيعتها لمدريد التي دامت 19 شهرا، وتعيين سفير جديد لها في البلاد في الفترة القريبة المقبلة، بالرغم من أن إسبانيا لم تستجب لشرط الجزائر المتمثل في تراجعها عن موقفها الداعم للمغرب في قضية الصحراء من أجل استعادة العلاقات الثنائية.
كواليس الريف: متابعة
05/11/2023