kawalisrif@hotmail.com

محاربة الفساد.. المغرب ودروس التجارب الدولية

ببساطة لا يمكن تحقيق نمو اقتصادي في بلد مثخن بجراح الفساد، ولعل ذلك ما تنبه له قادة الصين الشعبية مطلع العشرية الثانية من الألفية الثالثة، حيث تشير مجموعة من المراجع أن أهم حملة لمكافحة الفساد في تاريخ الصين الحديث جرى تنزيلها منذ 2012، إذ تم القبض على عدد كبير من المسؤولين الذين اصطلح عليهم “النمور” في سياق تحقيقات بتهم الفساد.

وإذا كانت الصين اليوم أحد أقوى اقتصادات العالم، فمرد ذلك إلى إصلاحات جوهرية، من ضمنها مكافحة الفساد !

وفي المغرب، أكثر ما يشغل الرأي العام والأوساط السياسية في الوقت الحالي هو محاربة الفساد، وذلك بالتزامن مع شبهات وتحقيقات تتعلق بمسؤولين وشخصيات ذات وزن سياسي كبير، مع ذلك فإن مكافحة الفساد عندنا ليست وليدة اللحظة، فمثلا جاء في الخطاب الملكي ليوم 30 يوليو 2016 بمناسبة ذكرى عيد العرش أن : “محاربة الفساد هي قضية الـدولة والمجتمع، الدولة بـمؤسساتها ، من خلال تفعيل الآليات القانونية لمحاربـة هـذه الـظاهـرة الخطيرة ، وتـجريـم كل مظاهرها للضرب بـقـوة على أيـدي الـمفـسدين”. بل قبل هذا التاريخ صادق المغرب على اتفاقية هيئة الأمم المتحدة لمكافحة الفساد سنة 2005، وأصبح بالتالي ملزما بالانخراط في ورش مكافحة الفساد.

ناهيك على أن المغرب يتوفر على مؤسسات شغلها الشاغل هو محاربة الفساد، أبرز هذه المؤسسات : المجلس الأعلى للحسابات، والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها. إضافة إلى أن جرائم الفساد ترقى لخيانة الأمانة وتستوجب العقوبات التأديبية في كل المؤسسات العمومية والتشريعات المهنية !

لكل ذلك فإن ما نعيشه اليوم من صحوة في مكافحة الفساد ليس سوى تنفيذ توجيهات ملكية، وتفعيل قوانين موجودة أصلا ! وقد يكون هناك بعض الإكراهات التي أخرت هذه الحملة إلى بداية 2024.

بالعودة للنموذج الصيني وتجارب دولية أخرى، فمحاربة الفساد لا تتم بين عشية وضحاها، بل تمر عبر مراحل، وتتطلب وقتا ونفسا طويلين، وخطط وقاية مستدامة.

فالصين لازالت تعاني من الفساد ليومنا هذا.

وتبقى أفضل طرق محاربة الفساد هي استئصاله من سلوك الأفراد عبر التربية على المواطنة منذ الصغر.

فالرشوة لها طرفان : الراشي والمرتشي، ولا يقل ذنب الأول درجة عن الثاني، ويبقى سلاح التثقيف أهم ما يمكن محاربة به الفساد.

فكما يوجد رؤساء جماعات متورطون، يوجد كذلك من مختلف طبقات المجتمع، كل من موقعه !

الحديث هنا عن مجموعة من الناس، نراهم يوميا في حياتنا، قد يكونوا أصدقاء أو جيران، أو زملاء في العمل، أو حتى أقارب. أصنافهم متعددة، فهذا موظف مرتشي. وذاك مسؤول ينهب المال العام. قد يكون بائعا يتاجر في مواد منتهية الصلاحية أو يرفع الأسعار جشعا وطمعا، قد يكون طبيبا لا يبالي بصحة المريض، بل كل همه بناء “فيلا” الأحلام حيث المسبح الكبير ومساكن كلاب “الروتوايلر”.

قد يكون ممرضا يبيع دواء المستشفى العمومي، أو أستاذا يقتات على أحلام الآباء وأبنائهم من خلال الدروس الخصوصية.

قد يكون موثقا ينهب أراضي الضعفاء، أو قاضيا ، أو محاميا يتآمر على موكله وعينه على سيارة “المرسيدس” التي ينقصه القليل لامتلاكها.

قد يكون صحفيا يصطاد في الماء العكر، لا يهمه إن كان المحتوى الذي ينشره بذيئا أو خادشا للحياء أو إساءة وتشهيرا بقدر ما تهمه إيرادات “الأدسنس”.

قد يكون صيدليا يبيع الدواء دون وصفة طبيب بل ويتقمص دور الطبيب ويعطي العلاج من اجتهاده، فقط لتتحرك آلة الصرف وتطلق صوتها الذي يطربه.

قد يكون موظفا بنكيا يتلاعب بالأوراق، وبعقول الزبائن المغلوب على أمرهم ويسلمهم قروضا قد لا تتحملها إيراداتهم الهزيلة، يشاهدهم يغرقون ولا يحرك ساكنا، كل همه الزيادة التي سيتوصل بها عن كل ملف ينجزه.

قد يكون منعشا عقاريا يغش في البناء، ويبخل في المواد الأولية لكي يحقق أكبر قدر من الأرباح ، ولا يهمه إن سقطت البناية فوق رؤوس ساكنيها…

بمعنى آخر أن عددا كبيرا من المواطنين لديهم الاستعداد لاتباع طرق الثراء غير المشروعة فقط لم يجدوا بعد فرصة مواتية لذلك ! وهنا يكمن الخطر، فالفساد في العقول والضمائر قبل أن يكون في كل المحاور.

12/02/2024

مقالات ذات الصلة

14 ديسمبر 2024

روسيا تبدأ في سحب عتادها العسكري من سوريا

14 ديسمبر 2024

12 سنة سجنا لبودريقة ولموثق بتهمة التزوير والاستيلاء على عدة هكتارات

13 ديسمبر 2024

لصوص يقطعون السبيل على سكان جماعة الختيشات بسيدي قاسم ويزرعون الرعب وسط أهاليها

13 ديسمبر 2024

تغيير موازين القوى في شمال إفريقيا … المغرب أقوى جيش في المنطقة

13 ديسمبر 2024

بعد تسليم جثته من الجزائر … تشييع جثمان لاعب اتحاد طنجة عبد اللطيف أخريف إلى مثواه الأخير في جو مهيب

13 ديسمبر 2024

ساكنة تنغاية توجه نداء استغاثة للمسؤولين باقليم شفشاون جراء تساقط أسلاك الكهرباء ذات الضغط العالي

13 ديسمبر 2024

جماعة تمسمان بإقليم الدريوش تعاني التهميش الممنهج

13 ديسمبر 2024

الفساد يزيد ويتغول بغرفة الصناعة التقليدية بجهة الشرق … الرئيس القدوري وصفقة كراء السيارات مع إبنه … !!

13 ديسمبر 2024

بوريطة 113 دولة في العالم “تعترف بمغربية الصحراء” … و 28 دولة فقط من تعترف ب “الكيان الوهمي”

13 ديسمبر 2024

جلسة محاكمة الناصري وبعيوي : الدفاع يتساءل عن غياب محاضر الإستماع إلى المعتقل الأول

13 ديسمبر 2024

“نشرة حمراء” توقع بقاتل دنماركي شاب في يد الشرطة المغربية بميناء طنجة

13 ديسمبر 2024

إنزال أمني كبير يشارع الأميرة مريم بفاس بسبب عودة جحافل “الفراشة”

13 ديسمبر 2024

مصادر إسبانية … المغرب المرشح الأوفر حظا لاستضافة نهائي مونديال 2030

13 ديسمبر 2024

النائب الأول لرئيس مجلس المستشارين عبد القادر سلامة يستقبل الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي

13 ديسمبر 2024

إنقطاع الماء على جماعات بني سيدال الجبل ، وبني سيدال لوطا ، وإعزانن بإقليم الناظور ، وأمجاو بإقليم الدريوش