بعد الحملات الواسعة التي شنها رجال الدرك الملكي بجهوية الناضور و الدريوش على العصاباب التي تنشط في الاتجار الدولي للمخدرات و المؤثرات العقلية وتهريب البشر ، يأتي دور سرية وجدة والتي قامت بعمل مماثل يهم البحث عن عصابات الترويج الدولي للمخدرات داخل ببلدية بني درار والجماعات المحيطة بها ، بحيث تم تنقيط تسعين شخصا و لم يجدوا إلا مبحوثا واحدا إضافة إلى خمس أشخاص في حالة تلبس و صاحب مقهى.
القضية و ما فيها أن البارونات المبحوث عنهم لا يجلسون في المقاهي الشعبية ، وإنما يملكون مقرات للعمل تحاذي الشريط الحدودي للجزائر !! .
فبعد أن تم تفكيك عدة عصابات في إقليمي الناضور والدريوش بناء على معلومات دقيقة ، جاءت نتيجة البحث و التحري الاستباقي الذي تقوم به عناصر الضابطة القضائية للدرك الملكي .
السؤال الذي يطرحه العديد من المتتبعين بإقليم بركان المجاور ، وعلى الرغم من توافد الشكايات على النيابة العامة المختصة ، وعلى قيادة الدرك بالإقليم، ورغم تضرر العديد من الظلم البائن و الجلي لمثل هذه العصابات.
فعندما نتحرى الحركية الإيجابية في مكافحة ظاهرة الترويج الدولي بإقليمي الناضور والدريوش نجد أنها كانت نتاجا لتعيين قائد جهوي جديد للدرك الملكي ، قام بما يمليه عليه ضميره الوطني و واجبه المهني، فقام بعمله على أكمل وجه بداية بالتصدي لتجار البشر والهجرة غير المشروعة ثم التصدي لرجال العصابات من أصحاب الترويج الدولي للمخدرات و كان العمل موفقا مما أدى إلي تفكيك و اعتقال العديد من النشطاء في هذين المجالين الخطيرين على البلاد و كذلك على سمعة المغرب الدولية ؛ نفهم من هنا أن للقضية علاقة بإرادة قائد جهوي معروف بحزمه و جديته و يقظته.
منطقة الناضور بأقاليمها تعززت بترسانة بحرية مجابهة لزوارق الهجرة غير النظامية والتي في أغلب الحالات تحمل حشيشا ، وأما المنطقة المحاذية للشريط الحدودي من وجدة إلى جماعة بني درار ، فهناك بداية موفقة لعناصر الدرك الملكي من خلال هذه الحملات التمشيطية التي بإمكانها أن تجفف منابع التهريب و تقلص من عملية انضمام المواطنين البسطاء إلى العصابات التي باتت توفر مناصب شغل تبدأ بمراقبة الطرقات وصولا إلى العمل داخل المستودعات الليلية ثم تمرير هذه السلع إلى الضفة الأخرى بالعمل اليدوي المباشر.
الطامة الكبرى هي وجود أجانب يحملون الجنسية المغربية بفعل فاعل يتحكمون في هذه التجارة كما يتحكمون في عائداتها و يلقون ولاء من طرف رجال العصابات الدرجة الثانية ؛ كما أشارت جريدة “كواليس الريف” في عدة قصاصات إخبارية.
نعود إلى وزارة الداخلية و إلى المذكرة التي صدرت عن الإدارة العامة للأمن الوطني مطلع سنة 2014 و التي حثت كل الجهات الأمنية على التفاعل بإيجابية مع كل الأنباء الصادرة في المواقع الإخبارية كما الصادرة أيضا في مواقع التواصل الاجتماعي : الهدف من هذه المذكرة هو عدم استثناء أي معلومة ترد على السوشيال ميديا و أخذها بعين الاعتبار لبناء الاستراتيجيات الدقيقة في مكافحة الجريمة و الجريمة المنظمة .
إلا أنه منذ سنة 2015 و بعد صعود شخص معين و من معه من المتعاونين على رأس جهة الشرق أصبح الإعلام و المنابر الإعلامية مستهدفة من طرف هذا اللوبي و خططوا لذلك باستدراج العديد في صفوفهم لعدم المس بسمعتهم و العمل على تلميع هذه الوجوه النشبوهة بشراء الأقلام المؤثرة والتي انشغلت بالتطبيل و التصفيق لرجل لا يمت بالصلة للعمل السياسي الوطني و حاشيته من الأتباع و المروجين ؛ لذلك في خضم هذه السبع سنوات خرست المنابر الإعلامية عن الحديث عن المجرمين الكبار من المتطفلين على العمل السياسي حتى انفجرت قضية “إسكوبار الصحراء” ، مما حرك مختلف الأجهزة على الصعيد المركزي و تمت عملية البحث و التقصي ثم التلبس و الحجز ثم الاعتقال في حق شبكة يفوق عددها الخمسة و عشرين و لا زالت الأبحاث جارية.
السؤال المطروح ماذا وقع خلال هذه العشرية من الزمن و الذي تسلطت فيه هذه الشرذمة من المجرمين على العمل السياسي؟
أول جواب سيكون سوسيولوجيا :
اتسعت الفوارق الاجتماعية بشكل مذهل مما أثر على العملية التنموية في بلادنا و في جهات معينة نختص جهة الشرق نموذجا.
توقفت العجلة التنموية و أصبحت تدار الميزانيات المخصصة للتنمية بشكل مزاجي و بشكل أيضا يخدم فلول هذه الطبقات و أعوانهم من المطبلين و الاسترزاقيين الذين بدورهم أصبحوا أكثر ولاء لهؤلاء الأعيان الجدد و الذين اقتحموا المجال السياسي بين عشية و ضحاها.
كثرة التطبيل الإعلامي أعطت الشرعية الوجودية لأولئك المفسدين و أصبحت كلمتهم مسموعة تتفوق على كلمة المثقفين و أساتذة الدولة و أطرها المكلفين بمهام كبيرة من المفروض تحقيقها من أجل نجاح مخططات الدولة.
تغيير ثقافة المواطن العادي و تنميطه مع عادات جديدة بحيث أصبح هذا المواطن العادي يشاهد فاسدين على رأس السلطة المنتخبة يقفون جنبا إلى جنب مع رجالات الدولة و أطرها في المناسبات الرسمية مما أعطى انطباعا للمواطن العادي يكرس عنده : شرعنة الفساد.
هذا المواطن العادي التي تسعى الدولة جاهدة إلى بنائه و تكوينه التكوين الصحيح مع دعمه ماديا و معنويا، تأتي مثل هذه المخلوقات الغريبة تتسلق سلم الانتخابات لتبحث عن مخبأ سياسي سواء في المجالس الجماعية أو البرلمان فتتغير نظرة المواطن العادي الذي يصبح بدوره أكثر ولاء و أكثر تشبها و اقتداء بهذه المخلوقات الفاسدة مما يشكل خطرا حقيقيا على المنظومة الأمنية الوطنية مقابل ارتفاع منسوب الإجرام و التشبه بتلك القيادات السياسية : فيصيح الجمهور قائلا : “يشتغلون بالمخدرات و لا تقول لهم الدولة شيئا و فيهم من يكرس لثقافة الإفلات من العقاب و كم هي خطيرة على الدولة هذه الثقافة؛ بإمكانها هدم كل ما بنيناه في هنيهات”
الخطير في الأمر هو تعاون هذا اللوبي الفاسد مع كائنات من الدولة الجزائرية تم تجنيسهم بطرق ملتوية و يقال أن فيهم من له علاقة مباشرة بالمخابرات الجزائرية و هذا هو بيت القصيد :
كيف يعقل أن يدخل العديد من البارونات الجزائرية و المحكومين بأحكام ثقيلة داخل الجزائر يدخلون بطرق غير شرعية ثم يغيرون الجنسية ثم ينظمون مافيات جديدة داخل التراب المغربي على شاكلة المافيات التي كانوا ينتمون إليها داخل الجزائر علما أن تلك المافيات هي شبه “ميليشيات عسكرية” تمشي بقوانين متمردة على العرف الدولي و كذلك الجزائري مثل “البوليزاريو”.
فعل التأثير و التأثر سيكون حتما هو الناتج الأول لهذه الحصيلة :
المواطن المغربي القروي البسيط و حتى منهم الحضري سيكون صيدا ثمينا لمثل هذه التنظيمات غير القانونية ، فبعدما كان صيدا في مجال المال و الأعمال غير المشروعة أصبح صيدا ثمينا في الاستحقاقات الوطنية التي عرفتها بلادنا و تغيرت عنده وجهة الولاء من المصلحة العليا للوطن إلى المصلحة الخاصة و الضيقة لشرذمة من المجرمين لا هم لهم سوى بيع جميع تلاوين المخدرات العابرة للحدود.