تواجه إسبانيا تحديات غير مسبوقة في قطاع السيارات الذي يشكل نحو 10 في المائة من ناتجها الداخلي الخام ويوفر أزيد من 9 في المائة من مناصب الشغل، فيما تمثل الصادرات حوالي 88 في المائة من الإنتاج المحلي. هذا القطاع الحيوي بات اليوم أمام تهديد مزدوج: التحول العالمي نحو السيارات الكهربائية من جهة، والمنافسة القوية من المغرب الذي يرسخ مكانته كمركز صناعي صاعد في هذا المجال.
التقارير الإسبانية أشارت إلى أن كلفة اليد العاملة تشكل عنصرا فاصلا في معادلة التنافسية، حيث لا تتجاوز تكلفة إنتاج سيارة واحدة في المغرب 106 دولارات، مقابل 955 دولارا في إسبانيا، أي بفارق يقارب تسع مرات. هذه الفجوة تضع الصناعة الإسبانية في موقف هش، خاصة أن المغرب يعتمد إستراتيجيات مدروسة لجذب الاستثمارات عبر “خطة تسريع الصناعة”، مستفيدا من موقعه الجغرافي القريب من أوروبا، وميناء طنجة المتوسط، إضافة إلى تكاليف طاقة منخفضة وفرص واسعة في الطاقة الشمسية.
وتبرز التوقعات أن المغرب يتجه نحو مضاعفة قدرته الإنتاجية لتصل إلى مليوني سيارة سنويا مع نهاية العقد، بعدما بلغ حاليا حوالي نصف مليون، ما يضع إسبانيا أمام احتمال فقدان جزء من موقعها الريادي كثاني أكبر منتج أوروبي بعد ألمانيا. وبينما تنتج مدريد قرابة 2.3 ملايين وحدة سنويا، فإن استمرار توسع المغرب قد يؤدي إلى انتقال خطوط إنتاج أساسية نحو مصانع المملكة بحلول 2027. ويخلص المحللون إلى أن إسبانيا، رغم خبرتها وبنيتها الصناعية المتطورة، مثقلة بتكاليف مرتفعة وقيود تنظيمية، في حين تمنح المرونة المغربية بيئة أكثر جاذبية، ما يدفع أوروبا إلى البحث عن توازن جديد عبر دعم الابتكار وتخفيف القيود وتحفيز تحولات صناعية مستدامة.
24/08/2025