kawalisrif@hotmail.com

قضية «قطر-غيت»… جنرال إسرائيلي يسقط في وحل الفضيحة ويهزّ صورة «الدولة الصارمة»

قضية «قطر-غيت»… جنرال إسرائيلي يسقط في وحل الفضيحة ويهزّ صورة «الدولة الصارمة»

في مشهد يُعرّي هشاشة «الآلة الإسرائيلية» التي لطالما قدّمت نفسها كقدوة في الانضباط والصرامة الأمنية، انفجرت فضيحة جديدة هزّت أركان ما يُسمّى بـ«مديرية المختطفين»، بعدما قررت السلطات في تل أبيب إبعاد الجنرال المتقاعد يوآف فولي مردخاي من ملف المفاوضات الحساسة، بدعوى الاشتباه في تورطه بما أصبح يُعرف إعلاميًا بفضيحة «قطر-غيت».

القرار، الذي جرى تسويقه داخليًا بصفته «إجراء احترازي» لمدة أسبوعين، سرعان ما تحوّل إلى مادة دسمة للتحليل السياسي والإعلامي؛ إذ اعتبره مراقبون مؤشراً خطيراً على ارتباك مؤسساتي يعكس التداخل المريب بين الحسابات الشخصية والقرارات الأمنية العليا. فمردخاي ليس موظفًا عادياً، بل يُعدّ واحداً من العقول الاستراتيجية المقرّبة من رئيس الأركان إيال زامير، ما يجعل إبعاده أشبه بصفعة مزدوجة: صفعة للثقة داخل المؤسسة العسكرية، وصفعة لسمعة الطاقم المفاوض أمام الوسطاء الدوليين.

وبعيدًا عن البيانات الباردة التي حاولت التخفيف من وقع الفضيحة، فإن الرسالة كانت فاضحة: صورة «الحكامة الصارمة» الإسرائيلية تتساقط أمام ملف تتقاطع فيه خيوط المال والسياسة واللوبيات العابرة للحدود. فكيف لرجل تحوم حوله شبهات بهذا الحجم أن يُمنح موقعًا حساسًا في مفاوضات تتعلق بحياة مختطفين؟ وكيف تسلّل إلى قلب دوائر القرار دون أن يرنّ جرس الإنذار؟ أسئلة محرجة تُلاحق حكومة نتنياهو ومؤسسته العسكرية، وتضعهما في موقع المتهم أمام الرأي العام المحلي والخارجي.

خلال الأسبوعين المقبلين، تبقى السيناريوهات مفتوحة: عودة مشروطة للرجل، إقصاء نهائي يعيد خلط أوراق النفوذ داخل المؤسسة الأمنية، أو ربما انفجار أكبر حين تتسع التحقيقات لتطال أسماء أخرى. وفي كل الحالات، فإن مجرّد إبعاد جنرال بهذا الوزن لا يمكن قراءته إلا كدليل على أن الخلل أعمق من مجرد «إجراء إداري عابر».

أما خصوم تل أبيب فقد وجدوا في هذه الفضيحة هدية سياسية مجانية، لتقويض صورة الدولة التي سوّقت نفسها لعقود باعتبارها «منارة الانضباط والشفافية». اليوم، الوسطاء الإقليميون والدوليون يراقبون بعين الريبة أي تفاوض مع طرف يفتقد للانسجام الداخلي، فيما يتحوّل «قطر-غيت» إلى كرة ثلج تهدد بانهيارات أوسع.

والنتيجة واضحة: إسرائيل التي تبني دعايتها على «الصرامة الأمنية»، تبدو أمام العالم مجرد هيكل هشّ تتلاعب به المصالح والشبهات. «قطر-غيت» لم يُبعد جنرالاً فحسب، بل كشف عورة المنظومة بأكملها، وفضح أن «الدولة الصارمة» ليست سوى أسطورة ورقية، تنهار كلما لامسها الضوء.

24/08/2025

Related Posts