kawalisrif@hotmail.com

رواندا من رماد المجازر إلى قوة إقليمية تصوغ ملامح إفريقيا

رواندا من رماد المجازر إلى قوة إقليمية تصوغ ملامح إفريقيا

بعد مرور أكثر من ثلاثين سنة على مجازر 1994 التي هزّت رواندا وحصدت أرواح ما يقارب 800 ألف شخص، تغيّر وجه هذا البلد الصغير في قلب القارة الإفريقية من رمز للمعاناة إلى لاعب إقليمي يفرض حضوره عسكريا ودبلوماسيا. تحقيق موسع نشرته صحيفة أمريكية في 23 غشت أشار إلى أن كيغالي، التي تستحضر دوما مأساة الماضي، أعادت رسم دورها في القارة لتصبح طرفا أساسيا في النزاعات، تجمع بين التدخلات الميدانية والمناورات السياسية التي تثير الإعجاب بقدر ما تثير الجدل.

في شرق الكونغو الديمقراطية، بدت بصمة النفوذ الرواندي واضحة من خلال دعمها المعلن أو غير المعلن لحركة “إم23” المتمردة، التي نجحت في السيطرة على مواقع استراتيجية مثل مطار غوما الدولي. ورغم نفي كيغالي إرسال قواتها بشكل مباشر، إلا أن تقارير أممية وأمريكية تحدثت عن مشاركة آلاف الجنود الروانديين إلى جانب المتمردين، في معارك خلفت آلاف القتلى وموجات نزوح هائلة. هذا المشهد الميداني انتهى بوساطة أمريكية أفضت إلى اتفاق سلام بين كينشاسا ورواندا، وُصف بأنه انتصار دبلوماسي لكيغالي ويفتح الباب أمام استثمارات غربية في قطاع المعادن.

بالتوازي مع حضورها العسكري في الكونغو، عززت رواندا صورتها كقوة إقليمية موثوقة عبر نشر قواتها في مناطق نزاع أخرى. فقد تمكنت من دحر المتمردين في شمال موزمبيق وتأمين مشاريع غاز استراتيجية لشركات عالمية، كما انخرطت في بعثات لحفظ السلام في إفريقيا الوسطى ومالي وجنوب السودان. وبينما تتهمها أطراف باستغلال النزاعات للسيطرة على مناجم الذهب والكولتان في الكونغو، تسوّق كيغالي خطابا اقتصاديا يقوم على الشراكة والتكامل الإقليمي، محاولة تثبيت نفسها كبديل موثوق عن القوى الأجنبية والمرتزقة في القارة الإفريقية، وضحية تحولت إلى قوة لا يمكن تجاوزها.

25/08/2025

Related Posts