تتهيأ قاعة مجلس الأمن الدولي لتكون مسرحا لمواجهة دبلوماسية ساخنة في أكتوبر المقبل، حيث يترقب العالم تصويت الأعضاء على قرار جديد قد يضع النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية على أعتاب منعطف تاريخي. الأنظار كلها تتجه نحو واشنطن، بعدما كشفت مصادر غربية عن دخول إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مفاوضات سرية ومكثفة، هدفها حشد التأييد الدولي للمبادرة المغربية للحكم الذاتي، التي سبق أن وصفتها الولايات المتحدة منذ 2007 بأنها “جدية وواقعية وذات مصداقية”.
التحركات الأمريكية لم تبقَ حبيسة الكواليس الدبلوماسية، بل خرجت إلى الميدان؛ وفد رفيع من الخارجية الأمريكية حلّ بمدينة العيون، والتقى برئيس بعثة المينورسو، في إشارة مباشرة إلى رغبة واشنطن في دفن خيار الاستفتاء، وتثبيت الحكم الذاتي كخيار وحيد للتسوية. وجاءت رسالة ترامب إلى الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش لتؤكد هذا التوجه، معلنة بوضوح أن الحكم الذاتي هو “الأساس الوحيد” لحل عادل ونهائي للنزاع.
هذا الموقف الأمريكي القوي أربك الجزائر التي اختارت الصمت، باستثناء تصريح عابر للرئيس تبون في يوليوز، بينما رصد المراقبون ارتباكا في خطابها الدبلوماسي. في المقابل، تلقى الموقف المغربي دعما متزايدا داخل مجلس الأمن: فرنسا وبريطانيا تقتربان أكثر من واشنطن، بينما ما تزال الصين وروسيا تتحفظان، في حين أبدت غالبية الدول غير الدائمة، من باكستان إلى سلوفينيا، ومن الدنمارك إلى كوريا الجنوبية، دعمها العلني للمبادرة المغربية، فيما ذهبت دول مثل الصومال وبنما إلى حد الاعتراف بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية.
الأسابيع المقبلة تبدو أشبه بسباق مع الزمن، حيث تكثف الدبلوماسية المغربية وأصدقاؤها تحركاتهم لإقناع مزيد من العواصم قبل التصويت. وإذا ما تبنى مجلس الأمن القرار بصيغة تعكس المقترح المغربي بشكل صريح، فإن النزاع حول الصحراء قد يطوي صفحة عقود من الشد والجذب، ويدخل مرحلة جديدة تكرّس سيادة المغرب وتُنهي أطول نزاع إقليمي في القارة الإفريقية.
23/08/2025