kawalisrif@hotmail.com

من يبدد العفو على أبطال حراك الريف ؟

بعد أن أصدر القضاء أحكامه القاسية في حق معتقلي (حراك الريف )،لم يعد هناك من أمل في تجاوز تداعيات الإدانة داخليا وخارجيا ،سوى عبر تفعيل آلية العفو ،علما أن القضاء في مرحلته الاستئنافية لايتوقع أن ينقض غزله (أقصد أن يبرئ المعتقلين) ،وبالتالي فالقشة الوحيدة المتبقية لإنقاذ سمعة بلد جراء هذه الإدانة تكمن في تفعيل هذه الآلية التي وضعها الدستور بيد الملك (العفو الخاص) ،وإلى حد ما بيد البرلمان (العفو العام) بيد أن الرهان هنا على العفو الملكي لأهميته ورمزيته وسلاسة إجراءته .. لكن بموازة مع ذلك ،ولكي يحقق العفو مفعوله ،لا بد أن تواكبه إجراءات عميقة لبناء الثقة وإعادة زخم الأمل إلى نفوس المغاربة ،خاصة في منطقة الريف ،والمغرب عموما. بما يعزز مسلسل المصالحة الذي دشنه المغرب مع بداية العهد الجديد، و زيادة منسوب الثقة بين المواطنين والدولة ،بما يجعلهم في عمق العملية التعاقدية .

إذ المؤكد أن حراك الريف، بما عرفه من تداعيات دراماتيكية ،تسبب في تآكل جزء كبير من رصيد الثقة الذي تراكم بين سكان الريف والدولة ، إثر مسلسل المصالحة الذي دشنه العهد الجديد مع منطقة الريف جغرافيا وتاريخا وإنسانا ،وجاءت أحكام الإدانة لتضع مصداقية هذا المسلسل برمته على المحك ،وتعرض كل الشعارات والمكتسبات التي واكبته إلى التشكيك والطعن والتراجع ، في الداخل كما في الخارج ،وهذا بالتأكيد ليس في مصلحة بلد تجاهد للتغلب على مثبطات بنيوية ، تاريخية وسياسية ونفسية واجتماعية واقتصادية للانخراط في أفق “الحداثة السياسية ” وانجاز الإقلاع الاقتصادي والتنموي المنشود.

فضلا عن كون هذا المآل المؤلم الذي تردى إليه ملف حراك الريف بعد الأحكام القضائية، لا يعدم تداعيات سلبية على أجندة ومصالح المغرب الخارجية ،التي يهدف من خلالها إلى طرح نفسه كبلد صاعد ،مستقر ومنخرط في عملية انتقال سلس نحو الديمقراطية ،وحقق في ذلك حتى الآن نجاحا نسبيا ،تجلى في تنامي رصيد الثقة الذي يحظى به لدى هيئات و دول كثيرة ،وهو ما انعكس على سبيل المثال على تدفق الاستثمارات الأجنبية ، وكذا تدفق السياح ،بالإضافة إلى اختياره كمنصة للعديد من الفعاليات الإقليمية والعالمية..

ومن الصعب على حكومة الدكتور سعد الدين العثماني ،وهي التي أقرت بمشروعية المطالب الاجتماعية والاقتصادية ،التي خرج من أجلها معتقلو الريف إلى الشوارع ،أن

تبرر أمام الرأي العام الوطني، ناهيك عن الرأي العام الدولي ،الأحكام القاسية التي صدرت في حقهم ، بل إن وصف بعض المسؤولين الحكوميين لهذه الأحكام ب “القاسية ” يزيد موقف الحكومة ضعفا وتهافتا واتهاما بالتآمر ،كما أن التعلل بـ “استقلالية القضاء ،واستقلالية النيابة العامة عن الحكومة” لا يجدي ،على الأقل في هذه الظرفية المشحونة ،بل يمكن أن يظهر الحكومة بمظهر ” من يقتل القتيل ويمشي في جنازته”، لأن المفترض أن الحكومة هي من أمرت باعتقال نشطاء الحراك ،وقدمتهم إلى المحاكمات ،حتى وهي تقر بمشروعية مطالبهم الاجتماعية والاقتصادية! ،وهنا مكمن المفارقة والتناقض والورطة ،التي تفضح أخطاء الحكومة في تدبير ملف احتجاجي سلمي بدفتر مطالب اجتماعية وتنموية ،كان بامكانها ،بقليل من الذكاء السياسي أن تحتويه من خلال الإنصات و الحوار والانفتاح على النشطاء،الذين تشبثوا إلى أخر لحظة بالسلمية واحترام المؤسسات ، (اتركونا من خرافة الانفصال والتآمر،حتى على فرض وجودها، فهي معزولة ومنبوذة ،ولا يقول بها إلا أحمق أو مغامر.. ) .

بقلم : مصطفى المريني

24/07/2018

مقالات ذات الصلة

21 أكتوبر 2024

من سيكسب الرهان ؟ … عامل إقليم الحسيمة وجها لوجه مع “حيتان الفساد”

21 أكتوبر 2024

جماعة زايو من خلال شركة خاصة تلزم الفرق الرياضية ( كرة اليد مثلا ) دفع مصاريف مقابل إستعمال القاعة المغطاة

21 أكتوبر 2024

المفوض الملكي سيحل غدا بالحسيمة ليبلغ عامل الإقليم قرار عزل رئيس جماعة إمزورن

21 أكتوبر 2024

ثلاثية رحيمي لم تنقذ العين من الهزيمة ب خماسية لأربعة أمام الهلال السعودي

21 أكتوبر 2024

غوتيريش يتهم الجزائر بتأجيج التوتر مع المغرب

21 أكتوبر 2024

مسؤول أوروبي كبير : مفتاح أمن إسبانيا وأوروبا في جيب المغرب

21 أكتوبر 2024

الشاب فضيل أمام محكمة مراكش بعد إطلاق سراحه بسبب 400 مليون سنتيم كنفقة لزوجته السابقة

21 أكتوبر 2024

بسبب تقاريرهم … أخنوش طلب من الملك إبعاد مندوب التخطيط لحليمي ورئيس المجلس الاقتصادي الشامي

21 أكتوبر 2024

وجدة تحتضن مهرجان “البلوزة بين العصور والثقافات”

21 أكتوبر 2024

مهتمون يرون أنها غير كافية … إجراءات حكومة أخنوش الجديدة للتحكم في الأسعار

21 أكتوبر 2024

بوريطة يفحم المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في ملف الصحراء المغربية

21 أكتوبر 2024

دول الاتحاد الأوروبي تنقسم حول إنشاء “مراكز إعادة المهاجرين” في الخارج

21 أكتوبر 2024

فرنسا وإسبانيا مطالبتان بالإفراج عن وثائق رسمية تثبت مغربية الصحراء الغربية والشرقية

21 أكتوبر 2024

حكيمي قد يمدد عقده مع باريس سان جيرمان مقابل 70 مليون يورو وأجر 1،6 مليون يورو شهريا

21 أكتوبر 2024

الرئيس الفرنسي ماكرون في زيارة إلى المغرب الإثنين المقبل