kawalisrif@hotmail.com

تحديات ملف المختلين عقليا في المجتمع المغربي

لا يزال ملف المختلين عقلياً مثارًا للنقاش العام في المغرب، بعد أن روج فرد من هذه الفئة للفوضى مجددًا بقتل شقيقه في آسفي، وفقًا للمعلومات المتاحة. وتعد هذه ليست الحالة الوحيدة التي يقوم فيها شخص معاق عقلياً بتصرف جنائي عدواني مماثل، إذ قام سابقًا فرد يعاني من اضطرابات عقلية بالاعتداء على سياح في فاس، ويظهر أن هناك حالات أخرى “مرشحة بقوة للحدوث أمام انتشار المختلين في كل حي ومدينة بشكل يخيف السكان”، وفقًا لتعليقات المواطنين.

ويروج بعض المتتبعين أن صعوبة إدارة هذا الملف “جعلت المواطنين يواجهون أشخاصًا غير معاقين دون معاقبة، مما يشكل خطرًا ومغامرة”، وقد اشتكى بعض الحقوقيين من “المقاربة الترقيعية؛ حيث يتم نقل المختلين إلى المدن الصغرى”، ولكن المثير هو أن البعض ينظر بإعجاب إلى تجربة ما يُعرف بـ “بويا عمر”، معتبرين أن “الفراغ الذي حدث بعد إغلاقه نتيجة للضغوط من الهيئات الحقوقية كان على الأقل جزءًا من الحل”.

“التفكير في تجربة جديدة”
قال محمد ألمو، حقوقي ومحام في الرباط، إن “الهجمات المتكررة التي يتحدث عنها وسائل الإعلام، والتي لا يتم بثها أحيانًا، تسلط الضوء على غياب سياسة عامة واضحة خاصة بشأن المختلين عقلياً، خاصة الذين يعيشون في الشوارع”، مؤكدًا أن “الدولة في هذه الحالة هي التي تتحمل المسؤولية إذا قام أحد بالاعتداء على الآخر، نظرًا لعدم وجود فضاءات قابلة للاستيعاب لهذه الشريحة التي تعاني من اضطرابات ذهنية حادة”.

وأوضح ألمو في تصريحه أن “تجربة بويا عمر كانت حلاً عمليًا هامًا، ولكن كانت تحمل شروطًا لاإنسانية تتطلب منا إعادة التفكير في تجربة مماثلة تحقق شروطًا أكثر حرصًا على حماية كرامة المختلين، لأن الاضطراب الذهني لا يجعلهم مواطنين من الدرجة الثانية على الإطلاق”، مشددًا على أن “التكاليف الباهظة للعلاج النفسي تعتبر عائقًا أمام الدولة لإيجاد حلاً، حيث يجب على الدولة تحمل تكاليف علاج مواطنين لا يتمتعون بقدرة عالية على التمييز”.

وركز المتحدث على أن “المختل عقلياً الذي يعيش مع ذويه يتحمل مسؤولية عائلته، ولا يمكن للأهل التهرب من هذه المسؤولية إذا لم يقوموا باتخاذ إجراءات تجاه السلطات أو تسليمه إليها لتوديعه في المؤسسات الصحية”، مشددًا على أن “الكثير من العائلات تبلغ السلطات بأن لديها شخصًا يعاني من إعاقة ذهنية وسلوك عدواني بهدف وضعه في مؤسسات العلاج، ولكن السلطات لا تستجيب دائمًا بالجدية المطلوبة”، وشدد على أن “المسؤولية الجنائية لا تقع على الأسرة إلا إذا قامت بتحريض المختل”.

وأشار المتحدث إلى أن “إذا نجح شخص في الهروب من مؤسسة للعلاج وارتكب جريمة أو فعل عدواني يقع تحت طائلة العقاب الجنائي، فإن المؤسسة المعنية هي التي تتحمل المسؤولية، حيث تحاول العديد من هذه المؤسسات التخلص من المختلين عقلياً من خلال تيسير فرارهم، وأحياناً يكون هناك قرار قضائي بالإيداع ولكن يهربون”، داعيًا إلى “الاستفادة من تجربة بويا عمر وتخصيص مصحات مجهزة بشروط حماية صارمة، وتوفير الأدوية للمرضى للسيطرة على سلوكهم”.

“فعل رسمي تشاركي”
وقال المهدي ليمينة، حقوقي وفاعل مدني، إن “مشكلة انتشار سلوك المختلين عقلياً ليست ظاهرة جديدة، ولكنها تحدث بانتظام، ولا يمكننا نسيان أن الدولة قامت بمجموعة من المبادرات الإيجابية، ولكن بعض الظروف المعقدة، مثل تأخر المواعيد في المستشفيات العامة، تعيق الوصول إلى هذه الخدمات المتقدمة التي تعكس تفكيراً استباقياً لدى السلطات”، مؤكداً أن “التحدي الذي نواجهه اليوم هو أن العائلات لم تعد تقبل هذه الفئات ولم تعد مهتمة إلى حد كبير بتحسين أوضاعها”.

وأشار ليمينة في تصريحه إلى أن تجربة “بويا عمر” من حيث الفهم “تعتبر فكرة نموذجية في ذلك الوقت، ولكن ما نحتاج إليه اليوم هو إنشاء مؤسسات عصرية محلية بظروف لائقة لاستقبال المختلين عقلياً، مع الحرص على اختيار نقاط في المدن قريبة من البحر والمساحات الطبيعية لإنشاء جاهزية نفسية وقابلية لتلقي العلاج”، مضيفًا أن “المؤسسات المعنية يجب أن تفكر بجدية في تكثيف فضاءات العلاج للمختلين عقلياً وتسهيل شروط الاستفادة إلى أقصى درجة ممكنة واعتماد سياسات تفضيلية”.

وأوضح المتحدث أن “وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، بالتعاون مع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، يمكن أن تفكرا في برامج مشتركة في إطار التكامل والتشارك بين القطاعات الحكومية، خاصة وأن الوزارتين تعملان بجد في مساراتهما الحالية”، مشددًا على أن “الدولة يجب أن توفر الحماية الاجتماعية لجميع المرضى من هذا النوع، وأن تساهم في إدماج الصحة النفسية في التأمين الصحي الإلزامي لضمان وصولهم الأمثل إلى العلاج”.

19/01/2024

مقالات ذات الصلة

13 ديسمبر 2024

يهم النيابة العامة بالدريوش … بعد شكاية السفارة الهولندية في قضية شهادة حياة مزورة … عضو بجماعة إمزورن المتورط الرئيسي !

13 ديسمبر 2024

عدد المنخرطين في التغطية الصحية غير الأجراء يتجاوز 3.7 مليون مستفيد

13 ديسمبر 2024

الشرطة في طنجة توقف شبكة دولية متورطة في تهريب البشر والتزوير

13 ديسمبر 2024

المغرب يحقق أرقامًا قياسية في صادرات الأفوكادو رغم التحديات المائية

13 ديسمبر 2024

شكاوى جديدة من أسر المتوفين بسبب تهديدات تسوية ديون القروض

13 ديسمبر 2024

التسلح في المنطقة المغاربية … هل تقترب المخاطر من نقطة اللاعودة ؟

13 ديسمبر 2024

سكان سيدي بولخلف بإقليم أزيلال يطالبون بتدخل عاجل لحماية الملك الغابوي ومحاسبة المسؤولين

13 ديسمبر 2024

تصاعد التوتر بين نقابتي العدل بسبب المؤتمر الوطني الثالث والاتهامات المتبادلة

13 ديسمبر 2024

هجوم صاروخي روسي جديد يهدد شبكة الكهرباء الأوكرانية

13 ديسمبر 2024

ترامب يستبعد حل الدولتين ويدعو إلى سلام دائم في الشرق الأوسط

13 ديسمبر 2024

جوائز “الكاف” تستقطب نجوم القارة.. ومراكش تحتضن الحدث الأبرز

13 ديسمبر 2024

دعوة ألمانية لتوسيع “لائحة غرب البلقان” لتشمل المغرب

13 ديسمبر 2024

التنسيقية الوطنية تدق ناقوس الخطر بشأن المغاربة العالقين والمعتقلين في سوريا والعراق

13 ديسمبر 2024

بعد إحتجاز جثته لأربعة أشهر … الجزائر تسلم جثمان لاعب فريق اتحاد طنجة أخريف عبر المعبر الحدودي بوجدة

13 ديسمبر 2024

الجنايات الاستئنافية ترفع عقوبة أفراد بيع الرضع في مستشفيات فاس إلى 27 سنة حبسا نافذة