وصلت الأميرة ليونور، وريثة العرش الإسباني، صباح السبت 21 يونيو 2025، إلى مدينة سبتة المحتلة، على متن الفرقاطة الحربية Blas de Lezo. الحدث، الذي وُصف رسميًا بـ”الرمزي والتدريبي”، يحمل في طيّاته أكثر مما تقوله البيانات الباردة للبحرية الإسبانية، خاصة حين تكون المدينة المُستضافة واقعة خارج الجغرافيا الإسبانية… لكنها ضمن المزاج الإسباني السيادي.
الزيارة التي تستمر 48 ساعة، خالية من أي مراسم أو جدول رسمي، لكنها ليست خالية من المعاني. إنها، ببساطة، أول خطوة للأميرة في أرضٍ تعتبرها مدريد “إسبانية جدًا” ويعتبرها المغرب “محتلة جدًا”.
قبل الوصول ، شاركت ليونور في تمرين بحري عنوانه Sinkex-25، حيث أطلقت البحرية الإسبانية نيرانًا حقيقية على هدف بحري قديم، في مشهد وُصف بأنه “واقعي ومثير”. وتقول الروايات الرسمية إن الأميرة تابعت عن كثب مشهد تدمير سفينة بواسطة صواريخ هاربون، وكأنها تتدرب مبكرًا على مشهد من فيلم أكشن… فقط أن المسرح هنا هو مياه الأطلسي، والجمهور في مدريد، والتأويلات في الرباط.
على الورق، لا يحمل رسو الفرقاطة أي بعد سياسي. لكن الواقع، كما دائمًا، أكثر عنادًا. فزيارة الأميرة للمدينة المحتلة تأتي في وقت يتزايد فيه الغضب الشعبي المغربي إزاء استمرار الاحتلال الإسباني لسبتة ومليلية، المدينتين اللتين لم يزر الملك فيليبي السادس أيًّا منهما منذ سنوات، وكأنّ الزيارة “تُغضب أحدًا ما” في الرباط.
وبينما تتكتم البحرية الإسبانية عن أي تفاصيل بخصوص خروج الأميرة من السفينة أو لقائها السلطات، تتحدث بعض المصادر عن احتمال إقامة “سبتة رمزية” مصغرة داخل حاملة السلاح، مع لقاءات مغلقة وجولات بلا عدسات إعلامية… لتفادي الإحراج، على الأرجح.
الزيارة، رغم كل ما يُقال، تظل جزءًا من مسار طويل تُعدّ فيه الأميرة لتُصبح قائدة القوات المسلحة يومًا ما. وخيخون، المحطة التالية، ستكون نهاية هذه المرحلة قبل أن تنتقل إلى الأكاديمية الجوية. لكن ما بين خيخون وسبتة، هناك بحرٌ من الرمزية، ورسائل تُطلق أحيانًا من فوهات المدافع، وأحيانًا من وراء ابتسامات ملكية شابة.
وقد تقول مدريد إنها مجرد رحلة تدريبية. لكن، إذا كانت سبتة مجرد مدينة “إسبانية عادية”، لماذا كل هذا الحرص على السرية؟ ولماذا كل هذا الرمز المكشوف؟ أم أن في السياسة الإسبانية… التدريب العسكري لا ينفصل عن تدريب العقول على تجاهل الجغرافيا؟
21/06/2025