أجمعت نتائج استطلاعات رأي جرى تنظيمها في فرنسا في الأيام الأخيرة، تزامنا مع اقتراب الانتخابات التشريعية المبكرة، عن تصدر اليمين الفرنسي لتصويتات المشاركين، مقابل تراجع كبير للمعسكر الرئاسي بقيادة ماكرون، مما يُنذر بقرب حدوث تحولات كبيرة في المشهد السياسي الفرنسي.
وحسب ما أوردته الصحافة الفرنسية فإن 3 استطلاعات رأي على الأقل، أحدها أجراه معهد “إيلاب” لصحيفة “لاتريبو”، خلصت نتائجها إلى تصدر حزب “التجمع الوطني” اليميني المتطرف وحلفاؤه، من ضمنهم حزب “الجمهوريون” الذي يقوده إيرك سيوتي، النتائج بأكثر من 35 بالمائة من مجموعة المشاركين في الاستطلاعات.
وأضافت نفس المصادر، أن هذه النتائج الإيجابية بالنسبة لليمين، دفعت بزعيم “اليمين المتطرف” جوران بارديلا، إلى الإعلان بتفاؤل كبير، بأنه لن يتولى منصب رئيس الوزراء الفرنسي في حالة إذا لم يحصل على الأغلبية المطلقة في الانتخابات التشريعية.
وتشير الاستطلاعات في فرنسا أن اليمين الفرنسي أصبح هو الأكثر حظا لتصدر الانتخابات التشريعية التي من المقرر أن تُجرى دورتها الأول في 30 يونيو الجاري، بينما الدورة الثانية ستُجرى في 7 يوليوز المقبل، وهو ما يثير قلق أحزاب الوسط واليسار، سواء في فرنسا أو في أوروبا، ويصل حتى إلى دول أخرى.
وفي هذا السياق، قالت تقارير إعلامية فرنسية، إن الجزائر تبقى من أكثر الدول التي تنتابها المخاوف من صعود اليمين في فرنسا، بسبب المواقف التي تتبناها الأحزاب اليمينية في عدد من القضايا، أبرزها الهجرة، علما أن الجالية الجزائرية تُعتبر من أكبر الجاليات في البلاد.
وكانت مجلة “جون أفريك” الفرنسية المهتمة بالشؤون الإفريقية، قد قالت في تقرير نشرته في الأيام الماضية، إن صعود اليمين في فرنسا، سيكون له تداعيات “كارثية” على العلاقات بين باريس والجزائر، ولا سيما في ظل التوقعات الكبيرة بتحقيق اليمين لنتائج إيجابية في الانتخابات التشريعية المرتقبة.
وأضافت “جون أفريك”، في هذا الصدد، بأن بالرغم من أن السياسة الخارجية لباريس، تبقى في يد رئيس الدول، إيمانويل ماكرون، إلا أن حصول أحزاب اليمين على الأغلبية البرلمانية، قد يؤدي إلى إصدار قرارات تؤثر على المهاجرين الجزائريين، مما سيزيد من حالة التوتر والاحتقان بين الدولتين، ولا سيما أن أحزاب اليمين لها العديد من المواقف التي ترفضها الجزائر.
وقالت صحيفة “الشرق الأوسط” في نفس السياق، بأن الجزائر تترقب الانتخابات البرلمانية المرتقبة في أواخر يونيو وأوائل يوليوز بمخاوف كبيرة، في ظل النتائج الناجحة التي تحققها 3 أحزاب يمينية فرنسية، على رأسها حزب التجمع الوطني، وهي كلها أحزاب تتفق على مواقف مضادة للجزائر في عدد من القضايا، كقضايا التأشيرة والذاكرة.
وبالمقابل، فإن صعود أحزاب اليمين في فرنسا، قد لا يكون خبر سيئا للمغرب مثلما هو الحال بالنسبة الجزائر، وفق العديد من التقارير، التي أشارت سابقا بأن أحزاب اليمين الفرنسي تميل أكثر إلى تعزيز العلاقات مع المملكة المغربية على حساب الجزائر، وهو ما يجعل المغرب في حالة ترقب في الوقت الراهن.
وتجدر الإشارة في هذا السياق، إلى أن زعيم حزب “الجمهوريين” اليميني، إيريك سيوتي، الذي أعلن مؤخرا عن رغبته في التحالف مع التجم الوطني الفرنسي في الانتخابات التشريعية المقبلة، كان قد زار المغرب العام الماضي، وأعلن عن موقف صريح مساند للرباط في قضية الصحراء، وقال إن “سيادة المغرب على الصحراء أمر لا جدال فيها”.
وتُعتبر قضية الصحراء هي من أبرز القضايا الخلافية بين المغرب والجزائر، كما أن باريس بقيادة إيمانويل ماكرون، لم تُعلن رسميا اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء، وتُعلن فقط دعمها لمبادرة الحكم الذاتي المغربية لحل هذا النزاع، تفاديا للدخول في أزمة مع الجزائر.
كواليس الريف: متابعة
25/06/2024